هذا ليس لباسك!
هذا ليس لباسك!
ينشأ الخلل عادة من تبني أفكار لا تتناسب مع الواقع أو الثقافة المُعاشة، كثيرًا ما يعيش الإنسان مشكلات وقضايا هي في الحقيقة لا تمت له بصلة ولكنه أقحم نفسه فيها إقحامًا، فارتدى عباءة لا تناسبه ثم أخذ يرقع فيها ويعدل لتتناسب معه!
هذه حال الحركات النسوية العربية التي تبنت الأفكار النسوية الغربية وعاشت مشكلاتها متناسية واقعها وثقافتها ودينها الأصيل الذي يضمن لها كل حق فقدته المرأة الغربية في عالمها، والقصة تبدأ من عصر النهضة والانفتاح على الغرب وعلى الحضارة الغربية وبدايات عقدة النقص لدى العرب، ثم تلتها فترة الاستعمار والحركات التبشيرية وصولًا إلى مرحلة الأحزاب العلمانية والشيوعية واستيلائها على السلطة العربية بعد عصر الاستعمار، كل هذه المراحل كانت لها مساهمة في انتقال الأفكار الغربية النسوية إلى العالم العربي وتأثره بها، ابتداءً بالفلسفات النسوية مرورًا بالأعمال وانتهاءً بالقوانين.
طبعًا لا بد للحركة النسوية العربية من أن تُضيف لمستها العربية، فمثلًا تثير الشبهات حول الميراث والحجاب والنقاب وتعدد الزوجات والقوامة، وتدعو إلى القراءة العصرية للنص بهدف تطويع النصوص للأغراض العلمانية، كذلك الدعوة إلى المساواة المطلقة مع الرجل في الطلاق والميراث والنفقة على الأسرة ومن ثم العمل بل والمساواة في العلاقات الجنسية، والمساواة في حق الطاعة، فللرجل طاعة المرأة كما للمرأة طاعته، وبهذا نجد أن الدعوات نالت مؤسسة الأسرة بشكل كبير ابتداء من الأفراد أعمدة قوام هذه المؤسسة وانتهاء بها هي ذاتها من التهوين والتقليل والتزهيد في شأنها وفي شأن سلطة الوالدين ومسؤوليتهما نحو الأبناء وسلب هذا الحق منهما بالقوانين الوضعية شيئًا فشيئًا، أيضًا تُضرب هذه المؤسسة ابتداء بالدعوة إلى العزوف عن الزواج مقابل العلاقات الغرامية المفتوحة والدعوة إلى حق الإجهاض للمرأة انطلاقًا من حريتها الجسدية فهي تفعل في جسدها ما تشاء وتقدمه لمن تشاء! والقائمة مفتوحة!
الفكرة من كتاب الجندر: المنشأ، المدلول، الأثر
يعيش الغرب حالة من الخوف على الرغم من امتلاكه الحضارة المادية والمال والنفوذ، إلا أنه ما من فائدة لكل هذا بغير وجود حقيقي للإنسان الفاعل والمحرك له!
يخاف الغرب من الزيادة السكانية التي تعيشها الدول الإسلامية ودول العالم الثالث، مقابل النقص السكاني الذي يعيشه الغرب نتيجة العزوف عن الزواج والإنجاب والاكتفاء بالعلاقات المفتوحة العابرة وتوافر الإجهاض، لذا فهو يسعى بجهد حثيث إلى حرب باردة؛ حرب على الإنسان الذي سينازعه سلطته قريبًا، فيوجه ضرباته تجاه المرأة، ويصوب قنابله تجاه الأسرة، ويقتلع القوانين والدساتير ليزرع مكانها أشواك قراراته الفاسدة، ومن جهة أخرى يحاول أن يشجع بداخله على التناسل والإنجاب ويدعم الهجرة ويمنح الجنسية، وعلى كل حال يبدو أن الغرب غارق في الوحل لكنه لن يفصح عن ذلك بالطبع!
مؤلف كتاب الجندر: المنشأ، المدلول، الأثر
مثنى أمين الكردستاني: حاصل على بكالوريوس الشريعة والدراسات الإسلامية، وماجستير في العقيدة ومقارنة الأديان، كما أنه باحث دكتوراه في العقيدة والفلسفة أيضًا، عمل باحثًا ومستشارًا لقضايا المرأة في اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، من مؤلفاته:
حقوق المواطن غير المسلم في الدولة الإسلامية.
قضايا القوميات والعلاقات الدولية/ دراسة حالة القضية الكردية (وهي رسالة ماجستير مخطوطة).
كاميليا حلمي محمد: حاصلة على بكالوريوس الهندسة، وهي مدير عام اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل وعضو مجلس إدارة جمعية نساء الإسلام المصرية، شاركت في العديد من المؤتمرات المحلية والدولية الخاصة بالمرأة والطفل والأسرة، كما شاركت في وضع ميثاق الطفل في الإسلام الذي أقره مجمع البحوث الإسلامية، ووضع الرؤى الإسلامية لوثائق الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة والطفل وصياغة الوثائق الإسلامية البديلة.