انقطاع الاتصال.. والآمال
انقطاع الاتصال.. والآمال
اقترب وصول الروس إلى الملجأ، ولكن كان يعوقهم الدفاعُ المستميت لفتيان الشبيبة الهتلرية الذين يتساقطون بالمئات على أمل انتظار جيش فينك يأتي وينقذهم، وفي داخل الملجأ انقطع الاتصال بمراكز القيادة، وكانت خطة هتلر آنذاك تقضي بأن يأمر فون غريم الجريح بقصف الطرق التي يحتشد فيها الروس لتأخير وصولهم إلى المستشارية، وبهذا تتاح الفرصة لوصول فينك بقواته، ولكن أنَّى لفينك من قوات، فقد تبقى معه ثلاث فرق مُنهكة، وبهذا أدرك من في الملجأ قرب نهايتهم، فشرعوا يكتبون رسائل الوداع، واستطاعت الطيارة حنة ريتش نقل الجنرال فون غريم إلى مطار ريشلن وسرعان ما أمر فون غريم بوصفه قائدًا أعلى لسلاح الجو الألماني بضرب الطائرات لمواقع الروس في برلين، ولكن لم يكن هناك إلا ضباط وطيارون فقط بلا طائرات.
تلقى هتلر أخيرًا برقية، ولو تجَمَّع كل ما أصاب الملجأ من ضربات في الأيام العشرة الأخيرة لما هزه مثلما هزته تلك البرقية التي أعلنت عدم وجود أثر لجيش فينك الذي كان آخر آمال هتلر، ولربما بعدما علم بالنهاية المحتومة، فقد قرر الزواج من إيفا براون التي كانت في غاية السعادة فلطالما انتظرت ذلك طوال أربعة عشر عامًا، ثم أملى هتلر على أمينة سره السيدة ترودل يونجه بيانه الأخير بتاريخ حكمه وسجل أحداثه في عهده وإنكاره التسبُّب في نشوء الحرب، وأن السبب الأول هو اليهودية العالمية، وأنه قد قرر البقاء في برلين حتى آخر أنفاسه، وكان هذا في صباح التاسع والعشرين من أبريل (نيسان).
الفكرة من كتاب عشرة أيام بين هتلر والموت
لم يكن هتلر بالرجل الاقتصادي، ولم يكن كذلك بالقائد العسكري، ولربما هذا ما جعل العالم والدول العظمى آنذاك لا تقدِّر نفوذه وفعله، حتى فعل ما فعله، لكنه كان سيد خطباء القرن العشرين كما وصفه الكاتب، وكم جهل العالم وقتها أن الخطابة هي أفتك سلاح بعد القنبلة الذرية، وكما شهد العالم تعاظم قوته، شهد أيضًا وصولها إلى الهاوية، فكيف كان وضع ذلك الرجل الذي احتاج العالم أن يتحد من أجل القضاء عليه في آخر عشرة أيام في حياته؟
مؤلف كتاب عشرة أيام بين هتلر والموت
ميكائيل موسمانو: كاتب وقاضٍ سياسي، عمل ضابطًا مساعدًا خلال الحرب العالمية الثانية، وشهد استسلام الألمان عام 1945م، ثم عمل قاضٍيًا في محكمة نورمبرغ، وهو أحد المحققين والقضاة في دعوى نورمبرغ التاريخية ومحاكمة القادة النازيين بعد الحرب، استطاع عن طريق الشهادات الخطية والشفهية لشخصيات كانت على اتصال مباشر بهتلر كقادته، وأمناء سرِّه ومرافقيه وخَدَمِه، وخلال تحقيقات استمرت لثلاث سنوات متواصلة، جمع المعلومات الدقيقة عن آخر عشرة أيام في حياة أدولف هتلر في هذا الكتاب الوحيد له.