أزمة القطاع الزراعي في مصر
أزمة القطاع الزراعي في مصر
يُعاني الاقتصاد المصري منذ التسعينيات مجموعة من الاضطرابات التي تنذر بالخطر على جميع المستويات الاجتماعية والسياسية وبالتأكيد الاقتصادية، ويمكن إجمال هذه الاضطرابات في تفاقم التبعية الاقتصادية والزراعية والغذائية، ولحسن الحظ أن حجم الاقتصاد المصري المتواضع هو ما جنبه الانهيار المدمر الذي ضرب اقتصادات بعض الدول كالأرجنتين، وتقبع في مقدمة أهم الأسباب التي ساعدت على تدهور الاقتصاد المصري النزعةُ الاستهلاكية الخاصة بالطبقة الغنية والميسورة التي أعقبت فترة الانفتاح في السبعينيات،
إذ ساعد الانفتاح على النمو السريع والمستمر للاستيراد ما فاقم من عجز ميزانية الدولة، وهذا الاتجاه السلبي للاقتصاد المصري نحو الاستيراد أدى إلى ارتفاع شديد في مستوى الفقر في البلاد، إضافة إلى ذلك فإن انخفاض قيمة الجُنَيْه المصري المستمر أدى إلى ارتفاع شديد في التضخم وتوسيع غير مسبوق للفجوة بين الطبقات الأكثر فقرًا والأخرى الأكثر ثراءً في المجتمع، نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء بشكل جنوني في الوقت الذي تظل فيه الرواتب والأجور على حالها ولا تتحرك، حتى وإن تدخلت الدولة ورفعت رواتب موظفي القطاع العام على استحياء، فإن الزيادة لا تشمل موظفي القطاع الخاص!
وفي ظل هذا التدهور الاقتصادي والاجتماعي حصل القطاع الزراعي على النصيب الأكبر في الأزمة الاقتصادية، فالمنتجات الزراعية والغذائية المستوردة ترتفع أسعارها في الوقت الذي يتم فيه إلغاء الدعم أو خفضه بالنسبة إلى أغلب المنتجات الاستهلاكية الأساسية، ومن ثمَّ وجد الفلاحون المصريون، خصوصًا صغار الفلاحين، أنفسهم في صُلب الأزمة التي انحدرت بهم إلى فقر مدقع راجع إلى تفتيت الأرض الزراعية، ودخول آليات السوق الحرة، وخصخصة الهيئات الزراعية والبنوك، وارتفاع أسعار البذور والأسمدة والكيماويات، وبناءً على ذلك، فإن وجود زراعة قائمة على أكتاف الفقراء من الفلاحين أصبح شيئًا غير مؤكد، ومن ثمَّ لا يمكن أن يتطور القطاع الزراعي والفلاح في حالة فقر مطلق.
تشير الإحصاءات إلى أن الفلاحين كانوا يشكلون أكثر من 3.6 مليون نسمة من إجمالي عدد السكان في مصر خلال العقد الأول من القرن الحالي، ويعيشون كليًّا أو جزئيًّا من النشاط الزراعي، ومن ثم فإن الأزمة الزراعية في مصر لا يمكن فصلها عن الأزمة الاجتماعية التي يعيشها الفلاح، ورغم ما تعانيه السوق المحلية المصرية من أزمة في الغذاء، نجد أن مصر واحدة من أكبر الدول المصدرة للمنتجات الغذائية وبالتحديد الخضراوات والفاكهة والزهور، من أجل الحصول على العملة الأجنبية، وهو ما يعني تصدير الماء بشكل افتراضي في ظل قلق المسؤولين من ندرة المياه!
الفكرة من كتاب أزمة المجتمع الريفي في مصر نهاية الفلاح؟
يعتبر قطاع الزراعة في مصر واحدًا من أكثر القطاعات إنتاجية في العالم، ومع ذلك فإن مصر تعد أكبر المستوردين للمواد الغذائية والمنتجات الزراعية، كما يعد الفلاحون المصريون أكثر الفلاحين فقرًا في العالم، وهنا تكمن المفارقة، فغالبية الفلاحين يعيشون تحت خط الفقر، ما يعني أن مصر أمام مشكلة كبيرة تتمثل في عملية انقراض جماعة الفلاحين، وهو ما أصبح أمرًا حتميًّا لا مناص منه، ومن هنا يستعرض الكاتب الأسباب والسياسات التي تقف وراء فقر الفلاحين وتدهور أحوالهم بداية من النصف الثاني من القرن العشرين، وأهم السياسات التي يجب أن ينتهجها المسؤولون للحد من ظاهرة انقراض الفلاح.
مؤلف كتاب أزمة المجتمع الريفي في مصر نهاية الفلاح؟
حبيب عايب: جغرافي وباحث بمركز الدراسات الاجتماعية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وهو متخصص في المشكلات الخاصة بالمياه والمجتمعات الريفية، له عدّة دراسات مقارنة في كل من مصر وتونس، وله عدد كبير من المقالات والكتب، كما شارك مع أوليفييه أرشمبو في إخراج فيلم تسجيلي بعنوان “تقاسم المياه على ضفاف النيل”، من كتبه:
Food Insecurity and Revolution in the Middle East and North Africa: Agrarian Questions in Egypt and Tunisia.
Agrarian Transformation in Arab World.
معلومات عن المترجمة:
منحة البطراوي: كاتبة وناقدة مصرية، تعمل ناقدة مسرحية في جريدة الأهرام الفرنسية، وكاتبة صحفية في الهندسة المعمارية والعمارة الداخلية في مجلة “البيت”، من ترجماتها:
التحضُّر العشوائي.
كما حررت كتاب:
الحِرف التقليدية في مصر بين التراث والاستلهام.