اليرموك.. معركة غيَّرت مسار التاريخ
اليرموك.. معركة غيَّرت مسار التاريخ
كانت وقعة الفراض التي انتصر فيها خالد بن الوليد على الأعراب آخر معركة له في العراق، حيث وصله بعدها تكليفٌ من الخليفة بالسَّير إلى الشَّام، وأن ينضم إليه أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وكان الخليفة قد أرسل إلى الشام أربعة جيوشٍ صغيرة بقيادة أربعة قادة من الصحابة، واستطاعوا التَّوغُّل في الشّام، لكن قيصر الروم استعد لهم بجيشين كبيرين في أنطاكية وبيت المقدس، في حين أن جيش المسلمين بأقسامه مجتمعة لم يتعدَّ الخمسين ألفًا، فخطَّط قادة المسلمين بالتراجع إلى الجنوب، وحدثت أول وقعة بين المسلمين والروم في أجنادين، وهُزم فيها الروم رغم تفوقهم العددي.
ثم استعد الفريقان لأكبر معركة فاصلة بعد ذلك وهي معركة اليرموك، وأُسندت القيادة بعد توحُّد جيوش المسلمين إلى خالد بن الوليد وبدأت المعركة، واشتبك الجيشان، واستغل الروم تفوقهم العددي الساحق، إذ نجحوا في كشف الجيش الإسلامي بعد الهجمة الأولى، فثبت المسلمون، وتجهز عكرمة بن أبي جهل بأربعمائة من الفرسان المسلمين في خطوة فدائية نجحت بإحداث ثغرة في جيش الروم، وقد استُشهِد بعدها، وانتصر المسلمون وقتها في المعركة.
لما تولى الفاروق عمر بن الخطاب الخلافة بعد أبي بكر الصديق (رضي الله عنهما)، قرر إسناد ولاية الشام لأبي عبيدة بن الجراح، كما قرر عزل خالد بن الوليد خشيةً أن يُفتَن الناس به ويوكلوا إليه، ولم يُعارض خالد قرار أمير المؤمنين، إذ قام بتوديع أصحابه، ثم عاد إلى المدينة، وقضى بقية أيامِه بعد عزله مع أولاده، وقد تُوفِّيَ عدد كبير من أولاده في عام الطاعون، وانتهت حياته (رضي الله عنه) بين سنة إحدى وعشرين واثنتين وعشرين للهجرة.
الفكرة من كتاب عبقرية خالد
قيل إنه أمَّ الناس بالحيرة وقت خلافة أبي بكر الصديق فقرأ من سورٍ شتى، وبعدما سلم قال للناس مُعتذرًا: “شغلني الجهاد عن كثيرٍ من قراءة القرآن”، ولقبه النبي الكريم ﷺ بسيف الله في وقتٍ لم تظهر فيه بطولاته الكبرى، وقد صدق النبي وسبق، هو ابن الوليد المخزومي القرشي الذي أرعب اسمه أكبر دولتين على وجه الأرض في ذلك الوقت، هو صاحب السجل الخالي من أي هزيمة، ومن قال إنه كان دارسًا لفنِّ الحرب؟ بل كان هو صانعُهُ، هو الأمين الذي لم يحمل ضغينةً في قلبِه حتى في عزلِه، هو خالد بن الوليد (رضي الله عنه).
مؤلف كتاب عبقرية خالد
عباس محمود العقاد (1989-1964م): أديبٌ ومُفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية، ألَّف أكثر من مائة كتاب في شتى المجالات، أشهرها سلسلة العبقريات، والفلسفة القرآنية، وأثر العرب في الحضارة الأوروبية، وحياة قلم، ويُعد من أهم كتَّاب القرن العشرين في مصر.