الفتوحات الكبرى تسجل أسطورته
الفتوحات الكبرى تسجل أسطورته
تحوَّل خالد بن الوليد بعد انتهاء حروب الردة إلى الفتوحات الكُبرى، وقد ندب الخليفة للبعثة الفارسية قائدين هما خالد بن الوليد، وعياض بن غنم، كلًّا منهما لمهمة خاصة، ثم يجتمعان في الحيرة، وقد حدثت الوقعة الأولى بين المسلمين والفرس وسُميت بذات السلاسل، وانتصر جيش خالد على القائد الفارسي هرمز وقتله، ثم مضى خالد إلى المذار التي شهدت حربًا عظيمة لاقى فيها الفرس هزيمة كبيرة حيث بلغ قتلاهم ثلاثين ألفًا وهرب باقي جيشهم.
وبعد وقعة المذار سار خالد إلى منطقة تُسمى “أليس” وكان فيها جيش من الفرس بقيادة قائد فارسي يُدعى “جابان” الذي لم يرد التعجل في القتال حتى يأتيه مدد من قائده الكبير “بهمن”، لكن خالد كان له رأيٌ آخر، إذ ضرب ضربته الأولى في القبائل العربية الموالية للفرس، فثار الفرس والتحم الجيشان، وثبت الفرس لإيمانهم بالمدد القادم.
وابتُلي المسلمون ببلاء شديد وقتها لم يعهدوه قبل ذلك اليوم، ولكن كان في صالحهم أنه لم يأتِ أي مدد للفرس مما جعل صبرهم ينفد، ولاحت لخالد لوائح النصر، وقد نذر خالد أنه سيجعل النهر يجري بدماء أعدائه انتقامًا للمسلمين، وبالفعل بعد المعركة أمر بجمع الأسرى وضرب أعناقهم في النهر حتى حُبس ماؤه، وقد سمى الكاتب ذلك الحدث بالنقمة الخالدية، التي عجَّلت بختام عهد موبوء كان لا بد له من ختام، حيث إنها لم تنشر الرعب في بلاد فارس فقط، بل انتشر صداها إلى الروم، وظلت الانتصارات تتوالى ويصل خبرها إلى الخليفة أبي بكر الصديق الذي قال: “أعقمت النساء أن يلدن مثل خالد”.
الفكرة من كتاب عبقرية خالد
قيل إنه أمَّ الناس بالحيرة وقت خلافة أبي بكر الصديق فقرأ من سورٍ شتى، وبعدما سلم قال للناس مُعتذرًا: “شغلني الجهاد عن كثيرٍ من قراءة القرآن”، ولقبه النبي الكريم ﷺ بسيف الله في وقتٍ لم تظهر فيه بطولاته الكبرى، وقد صدق النبي وسبق، هو ابن الوليد المخزومي القرشي الذي أرعب اسمه أكبر دولتين على وجه الأرض في ذلك الوقت، هو صاحب السجل الخالي من أي هزيمة، ومن قال إنه كان دارسًا لفنِّ الحرب؟ بل كان هو صانعُهُ، هو الأمين الذي لم يحمل ضغينةً في قلبِه حتى في عزلِه، هو خالد بن الوليد (رضي الله عنه).
مؤلف كتاب عبقرية خالد
عباس محمود العقاد (1989-1964م): أديبٌ ومُفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية، ألَّف أكثر من مائة كتاب في شتى المجالات، أشهرها سلسلة العبقريات، والفلسفة القرآنية، وأثر العرب في الحضارة الأوروبية، وحياة قلم، ويُعد من أهم كتَّاب القرن العشرين في مصر.