حروب الرِّدَّة
حروب الرِّدَّة
كانت أهم أسباب حروب الردة تتمثَّل في تمرد القبائل القوية وطمع بعض قادتها في بلوغ الزعامة بادِّعاء النبوة، وكذلك رفضهم فريضة الزكاة، وكل ذلك يوضح أن بعض أعراب البادية لم تترسَّخ فيهم مبادئ الإسلام، ولم يفاجأ المسلمون بذلك، إذ كانوا على علم به من القرآن الكريم، فقد قال تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾.
وعلى الرغم من خطورة تلك الحروب وشرِّها، فقد كانت سببًا كبيرًا في حلِّ الخلافات بين المهاجرين والأنصار وتوحيدهم، أما عن خالد فقد شهد كل حروب الردة، وانقسمت أعماله إلى قسمين، الأول اشترك فيه مع كبار الصحابة بقيادة الخليفة، والآخر هو ما استقل بقيادته عسكريًّا، وأولى تلك الحروب كانت عندما زحفت مئات من قبائل عبس وذبيان وفزارة على المدينة لتهديد الخليفة أبي بكر حتى يوافق على إعفائهم من الزكاة فرفض (رضي الله عنه)، وقرر أن يتأهب بالمقاتلين ليخرج لهم مفاجأةً، واستطاع تفريقهم وردهم.
أما المرحلة الثانية من حروب الردة فتمثَّلت في إرسال القادة إلى الميادين، وقد أرسل الخليفة خالدًا على رأس جيشٍ من أربعة آلاف مقاتل إلى أرض بزاخة التي اجتمعت قبائلها بقيادة طليحة بن خويلد الذي كان حذرًا ومتجهزًا ومتفوقًا من ناحية العدد، وانتصر المسلمون فيها واخترق خالد بنفسه جيش طليحة حتى قتل حرس طليحة جميعًا، وفر طليحة مع من تبقى من جيشه.
الفكرة من كتاب عبقرية خالد
قيل إنه أمَّ الناس بالحيرة وقت خلافة أبي بكر الصديق فقرأ من سورٍ شتى، وبعدما سلم قال للناس مُعتذرًا: “شغلني الجهاد عن كثيرٍ من قراءة القرآن”، ولقبه النبي الكريم ﷺ بسيف الله في وقتٍ لم تظهر فيه بطولاته الكبرى، وقد صدق النبي وسبق، هو ابن الوليد المخزومي القرشي الذي أرعب اسمه أكبر دولتين على وجه الأرض في ذلك الوقت، هو صاحب السجل الخالي من أي هزيمة، ومن قال إنه كان دارسًا لفنِّ الحرب؟ بل كان هو صانعُهُ، هو الأمين الذي لم يحمل ضغينةً في قلبِه حتى في عزلِه، هو خالد بن الوليد (رضي الله عنه).
مؤلف كتاب عبقرية خالد
عباس محمود العقاد (1989-1964م): أديبٌ ومُفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية، ألَّف أكثر من مائة كتاب في شتى المجالات، أشهرها سلسلة العبقريات، والفلسفة القرآنية، وأثر العرب في الحضارة الأوروبية، وحياة قلم، ويُعد من أهم كتَّاب القرن العشرين في مصر.