من النظرة الأولى
من النظرة الأولى
وقعت عينا الإنسان على تلك السماء الزرقاء ذات الدرر المتلألئة، والقمر البازغ، والشمس الساطعة، تتساقط منها النيازك، وتنهمر الأمطار، وتظهر ومضات برقٍ وأصوات رعدٍ، ليشعر تجاه هذا المزيج من التفاصيل الساحرة والمُخيفة بالحيرة والتعجب والخوف، وتبدأ محاولاته في تفسير الظواهر اليوميَّة، بدءًا من الأساطير الفلكيَّة، إذ آمن المصريون القدماء أن عملية تعاقب الليل والنهار ناتجة عن رحلة يقوم بها إله الشمس “رَعْ” من الشرق إلى الغرب، واعتقد الإغريق أن الأجسام تسقط على الأرض نتيجة اشتياقها إلى الاتحاد مع الأرض، وكل الأجسام المُتحركة سوف تسقط يومًا ما.
والإغريق هم أول من أقحموا أنفسهم في فهم الكون بكل أطرافه، إذ وضع “أَنَاكْسِيمانْدَرْ” نظريته التي تُقر بأن الأرض مسطحة ومحاطة بقُبة ضخمة تحجب وراءها نارًا مُشتعلة، والنجوم والشمس والقمر ما هي إلا ثقوب تكشف جزءًا من الاشتعال، والأرض هي محور الكون.
جاء أَرِسْطُو بعد ذلك ليثبت أن الأرض كروية باستخدام دليلين، الدليل الأول: هو خسوف القمر الناتج عن حجب ظل الأرض لضوء الشمس عن القمر، فإذا كانت الأرض مُسطحةً فسيبدو ظلها بيضاويًّا ولن يجحب الضوء عن القمر، أي أن ظل الأرض مستدير وناتج عن جسمٍ كروي، وبالنسبة إلى الدليل الثاني فهو اختلاف رؤية النجوم في المناطق الشماليَّة عن المناطق الاستوائيَّة.
ثم طوَّر بَطْليمُوسْ فكرة أَرِسْطُو ووضع نموذجًا، كانت الأرض في مركزه لتدور حولها الشمس والقمر والنجوم والكواكب الخمسة المعروفة وقتها، هذه الكواكب تتحرك في مدارات يتحرك مركزها في مدارات أخرى تُسمى المدارات الحاملة، وفي نهاية هذه المدارات مدار يحمل النجوم.
الفكرة من كتاب علم الخيال: كيف صاغ الفيزيائيون نظريات تسامي الخيال متعة وغرابة
هل تساءلت قبلًا “لماذا نضع النظريَّة تلو الأخرى؟”، وجه أَلْبِرْتْ آيْنِشْتَيْنْ هذا السؤال إلى نفسه في مقالٍ نُشر في مجلة Scientific American، وكانت إجابته: “إننا نستمتع بالفهم كما نستمتع بالموسيقى، وهذا الاستمتاع يُمكنُك مُلاحظته بشدةٍ في الأطفال”.
سنتعرف من خلال هذا الكتاب كيف قاد حُب بني الإنسان للفهم والسيطرة إلى الكشف عن خبايا الكون من خلال سرْدٍ تاريخيٍّ قصصيٍّ بسيطٍ.
مؤلف كتاب علم الخيال: كيف صاغ الفيزيائيون نظريات تسامي الخيال متعة وغرابة
محمد يحيى: كاتب وباحث مصري، وُلد عام 1992م بمدينة القاهرة، وحصل على درجة البكالوريوس في العلوم الاقتصاديَّة من كلية التجارة جامعة الزقازيق عام 2013م، كما حصل على دبلوم في النظم السياسيَّة والاقتصاديَّة، ودبلوم في الاستثمار والتمويل، ويعمل حاليًّا في مجال الاستشارات الماليَّة، ومن مؤلفاته:
ومضات.
أيام العرب: حكايات وتأريخ ومشاهد.
شقاق العرب: جماجم العرب والرسالة الأخيرة.