التجريد من المعنى
التجريد من المعنى
كان الإغريق قديمًا يعدّون المرض عقابًا على إثم ما، أو قد يصيب المريض بلا سبب أو مبرر، ومع قدوم المسيحية ارتبط المرض بمفهوم الضحية أو العقاب العادل، ليأتي القرن التاسع عشر ويزيح هذه المفاهيم ليصبح المرض تعبيرًا عن الذات. قد يبدو التوقف عن الظن بأن المرض نوع من العدالة أو العقاب، وظنه بدلًا من ذلك نوعًا من التعبير عن الذات أقل سوءًا، ولكنه ليس كذلك، فهو يربط الذات بالمرض ويحملها نوعًا من العبء.
يساعد التقدم الطبي والبحث العلمي وإيجاد الأدوية على تجريد استعارات الأمراض كالإيدز من معناها ومن كونها مصدرًا للرعب أو العار، ويحررها من الملكية الخاصة للجماعات السياسية التي تسعى إلى إعطائها لمن تشاء، لذا لا بد من التوقف عن استخدام الاستعارات الإيجابية والسلبية عن المرض التي لا تساعد على فهم المرض، بل تضيف عبئًا عاطفيًّا واجتماعيًّا ونوعًا من الشعور بالعار والذنب إلى المرضى، ويجب تجنب الاستعارات العسكرية على وجه الخصوص وتوجيه النقد إليها، فالجسد ليس أرضًا للمعركة ولا الأمراض غزاة أو متسللين للمجتمع.
الفكرة من كتاب المرض كاستعارة
الاستعارة -اصطلاحًا- هي رفع المعنى من شيء وتحويله إلى آخر، تساعدنا الاستعارات على التحليل والتفسير أحيانًا، وقد تكون سببًا للتضليل وسوء الفهم أحيانًا أخرى، تحاول الكاتبة تجريد الاستعارات المتعلقة بالأمراض المختلفة من معانيها، وذلك من خلال تحليل ونقد الاستعارات المصاحبة للأمراض الشائعة التي اكتست بعديد من الصفات والصور واستُخدِمت في الأدب والسياسة وحتى اللغة اليومية.
فقد كتبت “المرض كاستعارة” على إثر إصابتها بالسرطان، إذ شعرت الكاتبة بالغضب من تلك الاستعارات حين عرفتها بعد إصابتها بالمرض، فقررت التضامن مع كل المرضى وتحريرهم من العبء النفسي والاجتماعي المصاحب للأمراض.
فما هذه الأمراض؟ كيف تُصوَّر الأمراض المختلفة في الأدب والروايات؟ وكيف تتغير النظرة إلى المرض مع تغير العصر؟ وهل تعد الأمراض الجنسية عقابًا؟ وكيف تستغل الأيديولوجيات السياسية المختلفة الأمراض لصالحها؟ وأخيرًا هل تعزل الأمراض الفرد عن المجتمع؟
مؤلف كتاب المرض كاستعارة
سوزان سونتاج: ناقدة وروائية ومخرجة وسيناريست ومؤرخة أمريكية الجنسية، حاصلة على ماجستير في الآداب من جامعة هارفارد، كما أنها عضوة في الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب، ولدت عام ١٩٣٣ في السادس عشر من يناير، وتوفيت عام ٢٠٠٤ بعد الإصابة بسرطان الدم للمرة الثالثة، لها عديد من المواقف الإنسانية كناشطة لحقوق الإنسان، ويذكر لها سفرها إلى مدينة سراييفو للتضامن مع المدينة في أثناء حصارها عام 1989 ومُنِحَت لقب مواطنة شرفية، كما حصدت عديدًا من الجوائز كجائزة السلام الألمانية للكتب وجائزة الكتاب الوطني، كما مُنِحَت وسام الفنون والآداب الفرنسي.
من مؤلفاتها:
الالتفات إلى ألم الآخرين.
أبعاد الصورة.
ضد التأويل ومقالات أخرى.
حول الفوتوغراف.
معلومات عن المترجم:
حسين الشوفي: مترجم له عديد من الأعمال، منها:
استخلاص وقصص أخرى.
الكتب في حياتي لكولن ولسون.