الإيدز بين الأيديولوجيات السياسية
الإيدز بين الأيديولوجيات السياسية
على النقيض من السرطان المجهول الأسباب، يمكن للشخص معرفة كيف أصيب بفيروس الإيدز، وغالبًا ما يكون السبب هو انتماءه إلى جماعة خطيرة كالمدمنين أو منبوذة كالشواذ، ويُصوَّر الإيدز على أنه مرض دول العالم الثالث والأحياء الفقيرة، فيحفز العنصرية ضد السود ويربطهم بالفسق والانحراف والممارسات الشاذة، وهذا يخدم عديدًا من الأيديولوجيات السياسية التي ترفض الأجانب والأقليات وتخاف خسارة مكانها، فيسارعون لاستغلال المرض لتبرير عنصريتهم.
وترى الكاتبة أن الإيدز سبّب خوف التبرع بالدم أو تلقيه، كما حفز الفردية والمصلحة الذاتية، فالأيديولوجيا الرأسمالية تشجع عددًا من الشعارات مثل: “كن حرًّا”، أو “لا حدود للشهوة”، مما يزيد من ثقافة الاستهلاك ويعزز النظرة إلى الجسد كأداة يملكها الفرد يفعل بها ما يريد، فالنشاط الجنسي وغيره من الممارسات الشاذة ما هو إلا اختيارات الأفراد، ولعصر قريب كان الطب قد كفل هذا المبدأ للرأسمالية، ومع ظهور الإيدز بدأ التشكيك وتم تكبير عديد من الرسائل التي تنافي هذه الأيديولوجية وهي الاعتدال وعدم الانغماس ووضع الحدود.
الفكرة من كتاب المرض كاستعارة
الاستعارة -اصطلاحًا- هي رفع المعنى من شيء وتحويله إلى آخر، تساعدنا الاستعارات على التحليل والتفسير أحيانًا، وقد تكون سببًا للتضليل وسوء الفهم أحيانًا أخرى، تحاول الكاتبة تجريد الاستعارات المتعلقة بالأمراض المختلفة من معانيها، وذلك من خلال تحليل ونقد الاستعارات المصاحبة للأمراض الشائعة التي اكتست بعديد من الصفات والصور واستُخدِمت في الأدب والسياسة وحتى اللغة اليومية.
فقد كتبت “المرض كاستعارة” على إثر إصابتها بالسرطان، إذ شعرت الكاتبة بالغضب من تلك الاستعارات حين عرفتها بعد إصابتها بالمرض، فقررت التضامن مع كل المرضى وتحريرهم من العبء النفسي والاجتماعي المصاحب للأمراض.
فما هذه الأمراض؟ كيف تُصوَّر الأمراض المختلفة في الأدب والروايات؟ وكيف تتغير النظرة إلى المرض مع تغير العصر؟ وهل تعد الأمراض الجنسية عقابًا؟ وكيف تستغل الأيديولوجيات السياسية المختلفة الأمراض لصالحها؟ وأخيرًا هل تعزل الأمراض الفرد عن المجتمع؟
مؤلف كتاب المرض كاستعارة
سوزان سونتاج: ناقدة وروائية ومخرجة وسيناريست ومؤرخة أمريكية الجنسية، حاصلة على ماجستير في الآداب من جامعة هارفارد، كما أنها عضوة في الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب، ولدت عام ١٩٣٣ في السادس عشر من يناير، وتوفيت عام ٢٠٠٤ بعد الإصابة بسرطان الدم للمرة الثالثة، لها عديد من المواقف الإنسانية كناشطة لحقوق الإنسان، ويذكر لها سفرها إلى مدينة سراييفو للتضامن مع المدينة في أثناء حصارها عام 1989 ومُنِحَت لقب مواطنة شرفية، كما حصدت عديدًا من الجوائز كجائزة السلام الألمانية للكتب وجائزة الكتاب الوطني، كما مُنِحَت وسام الفنون والآداب الفرنسي.
من مؤلفاتها:
الالتفات إلى ألم الآخرين.
أبعاد الصورة.
ضد التأويل ومقالات أخرى.
حول الفوتوغراف.
معلومات عن المترجم:
حسين الشوفي: مترجم له عديد من الأعمال، منها:
استخلاص وقصص أخرى.
الكتب في حياتي لكولن ولسون.