تمايز الجماعات وأقسامها
تمايز الجماعات وأقسامها
تختلف الجماعات فيما بينها اختلافًا كبيرًا، فمن واحدة أركانها متوطِّدة لكثرة روابطها إلى أخرى تقوم على قائدهم ومكانته فيهم فقط، لذا فحتى وإن اشتركت الجماعات في صفاتها العامة، فإن الاختلاف والائتلاف بين أفرادها يُكسب بعضها من الصفات النفسية الخاصة التي تتمايز بها عن البعض الآخر، وعلى ذلك تنقسم الجماعات بصفة عامة إلى جماعة عناصرها مختلفة وأخرى مؤتلفة، فالأولى -المختلفة- بدورها تشمل ما ليس لها اسم كالجماعات العامة، وما استقر لها اسم خاص بها كالمجالس النيابية، وأما الثانية -المؤتلفة- فينضوي تحت لوائها الأفناء (أي الأخلاط) كالأحزاب السياسية، والطوائف كرجال الدين، والطبقات كمجتمع الريف.
فالجماعات المختلفة العناصر تحوي افتراقًا عظيمًا في الصفات النفسية والاجتماعية بين منتسبيها، لذلك من الصعب التكهُّن بأسباب اجتماع أفرادها بصورة مؤكدة، غير أنهم يخضعون لسلطان المشاعر الغريزية في اللاشعور وهذا ما يُبقي بينهم رابط الجماعة قائمًا، وإذا كانت روح الجماعة تتسم بالقوة أسهم ذلك بدوره في سمو أفعالهم عن الهمجية والتسلُّط، وهذا يصدق كثيرًا على الجماعات العامة التي لا اسم لها، بخلاف الأخرى التي لها اسم يميزها على غيرها، فهذه دائمًا ما تتريَّث للنظر في عواقب الأمور، وهذا ما يميِّزها عن سابقتها.
أما الجماعات المؤتلفة الأركان فهي تنقسم بدورها تبعًا للعلاقات التي تربط بين أفرادها، فما تُسمى بجماعات الأفناء تحكمها وحدة الشعور والاعتقاد رغم الاختلاف بين أفرادها، أما جماعات الطوائف فتجمع إلى وحدة الاعتقاد تقاسم المهن، فهي إلى الجماعة الوظيفية أقرب، حيث تربط أفرادها علاقات مشتركة أعمق، في حين نجد أن جماعات الطبقات تظهر فيهما علاقات النفعية وتبادل المصالح والاشتراك في الوسط المعيشي.
الفكرة من كتاب روح الاجتماع
إن الإنسان مدنِي بطبعه، فهو لا يستطيع العيش بمفرده، لذا يضطر إلى الانتظام في جماعات من أجل تأمين احتياجاته المادية والمعنوية على السواء، من هنا كانت الجماعات في حد ذاتها ضرورة..
يسلك الكاتب في هذا الكتاب مسلكًا يرتكز على القواعد العلمية، في دراسة أحوال الجماعات وسبر أغوارها، وكيف تتشكَّل نظرتها إلى الواقع المحيط، كما يدلف إلى قانونها النفسي والعوامل التي تحدِّد قالبها الفكري والشاعري.
مؤلف كتاب روح الاجتماع
غوستاف لوبون Gustave Le Bon: طبيب ومؤرخ فرنسي، يعدُّ من أشهر المؤرخين الغربيين الذين اهتموا بدراسة الحضارات الشرقية والعربية والإسلامية، وُلد في مقاطعة نوجيه لوروترو، بفرنسا عام ١٨٤١م، ودرس الطب، وقام بجولة في أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا، واهتم بالطب النفسي وأنتج فيه مجموعة من الأبحاث المؤثرة عن سلوك الجماعة، والثقافة الشعبية، ووسائل التأثير في الجموع، مما جعل من أبحاثه مرجعًا أساسيًّا في علم النفس، توفي في ولاية مارنيه لاكوكيه، بفرنسا 1931م.
من أهم مؤلفاته:
حضارة العرب.
سيكولوجية الجماهير.
السنن النفسية لتطور الأمم.
روح الثورات والثورة الفرنسية.