المفارقة الأدبية بين السُّل والسرطان
المفارقة الأدبية بين السُّل والسرطان
تبدو المفارقة بين السُّل والسرطان واضحة في الأدب، إذ اتسم أبطال روايات القرن التاسع عشر الرومانتيكية بالمرارة والاكتئاب والقلق من افتقارهم إلى القدرة على الشعور والتحرر من الروتينية وتدمير الذات والسوداوية، وعلى النقيض من ذلك في الأدب الأمريكي المعاصر، البطل هو صاحب الروتين الكابت لرغباته العاطفية المنعزل عن الآخرين، ولا يمتلك الرغبة في تدمير ذاته وهو حذر دومًا، البطل في المثال الأول هو المرشح للإصابة بالسُّل، بينما في المثال الثاني هو الأقرب للسرطان، كما يسبب السُّل حالة من الشحوب يتبعها نشاط وعودة مؤقتة للصحة والحيوية، فترتبط بالمرض هالة مميزة يستخدمها الأدباء، على العكس من السرطان الذي يسبب حالة من الشحوب الدائم المصحوب بانعدام للنشاط.
ويظهر مريض السُّل هاربًا أو غير قادر على التكيف مع المجتمع أو فنانًا حساسًا، بينما مريض السرطان هو من تلقى هذا المصير ربما بسبب إحباط أو خسارة سياسية شائنة كنابليون، أو تلقى عقابه المستحق بسبب رفضه للدين كفرويد، ففي نظرة المجتمع لا يمكن لمرض أصاب تشيخوف أو سيمون وعديدًا من الفلاسفة إلا أن يكون حكمًا بالألوهية ونهاية تسمو بالذات وليس فشلًا أو عقابًا.
الفكرة من كتاب المرض كاستعارة
الاستعارة -اصطلاحًا- هي رفع المعنى من شيء وتحويله إلى آخر، تساعدنا الاستعارات على التحليل والتفسير أحيانًا، وقد تكون سببًا للتضليل وسوء الفهم أحيانًا أخرى، تحاول الكاتبة تجريد الاستعارات المتعلقة بالأمراض المختلفة من معانيها، وذلك من خلال تحليل ونقد الاستعارات المصاحبة للأمراض الشائعة التي اكتست بعديد من الصفات والصور واستُخدِمت في الأدب والسياسة وحتى اللغة اليومية.
فقد كتبت “المرض كاستعارة” على إثر إصابتها بالسرطان، إذ شعرت الكاتبة بالغضب من تلك الاستعارات حين عرفتها بعد إصابتها بالمرض، فقررت التضامن مع كل المرضى وتحريرهم من العبء النفسي والاجتماعي المصاحب للأمراض.
فما هذه الأمراض؟ كيف تُصوَّر الأمراض المختلفة في الأدب والروايات؟ وكيف تتغير النظرة إلى المرض مع تغير العصر؟ وهل تعد الأمراض الجنسية عقابًا؟ وكيف تستغل الأيديولوجيات السياسية المختلفة الأمراض لصالحها؟ وأخيرًا هل تعزل الأمراض الفرد عن المجتمع؟
مؤلف كتاب المرض كاستعارة
سوزان سونتاج: ناقدة وروائية ومخرجة وسيناريست ومؤرخة أمريكية الجنسية، حاصلة على ماجستير في الآداب من جامعة هارفارد، كما أنها عضوة في الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب، ولدت عام ١٩٣٣ في السادس عشر من يناير، وتوفيت عام ٢٠٠٤ بعد الإصابة بسرطان الدم للمرة الثالثة، لها عديد من المواقف الإنسانية كناشطة لحقوق الإنسان، ويذكر لها سفرها إلى مدينة سراييفو للتضامن مع المدينة في أثناء حصارها عام 1989 ومُنِحَت لقب مواطنة شرفية، كما حصدت عديدًا من الجوائز كجائزة السلام الألمانية للكتب وجائزة الكتاب الوطني، كما مُنِحَت وسام الفنون والآداب الفرنسي.
من مؤلفاتها:
الالتفات إلى ألم الآخرين.
أبعاد الصورة.
ضد التأويل ومقالات أخرى.
حول الفوتوغراف.
معلومات عن المترجم:
حسين الشوفي: مترجم له عديد من الأعمال، منها:
استخلاص وقصص أخرى.
الكتب في حياتي لكولن ولسون.