السُّل في عيون الأدباء
السُّل في عيون الأدباء
أدب القرن التاسع عشر مليء بأوصاف الموت بالسُّل، وقد أكسبته هذه الأوصاف طابعًا تهذيبيًّا إذ ينقضي الموت من دون أعراض، وقد وصفه “ديكنز” بأنه المرض المرعب الذي يهذب الموت وينقيه، السُّل كصراع الروح مع الجسد، كلما ذبل الجسد أصبحت الروح أكثر خفة، فيمنح صاحبه موتًا مشرفًا على النقيض من ميتات السرطان المؤلمة المذلة لسمو صاحبها.
أضافت أوصاف “الرومانتيكيين” إلى السُّل صفة أخلاقية، فهو مرض الروح والعواطف الجياشة والميتة الحماسية التي تسمو بعقل صاحبها، بينما يصاب المحبطون ذوو العواطف المكبوتة بالسرطان، وتمثل الشخصية المصابة بالسُّل فنانًا مبدعًا مصابًا بالاكتئاب.
وبفضل الاستعارات الأدبية اكتسب السُّل خليطًا من الصفات المتناقضة، فهو وصف للشهوة الجنسية، ولكنه لا يصل بصاحبه إلى الفسق، فهو تارة يصيب المنغمسين في إشباع حاجاتهم الحسية وتارة أخرى يصف الترفع، أدت هذه الاستعارات إلى ربط السُّل بعلم الجمال ما جعل الصحة مبتذلة، مثال على ذلك، استخدام السُّل في القرن التاسع عشر للدلالة على الرقي كعنصر أخلاقي أساسي، فمن المعيب أن يظهر الإنسان بصحة جيدة، والجدير بالذكر أن الرومانتيكيين الأوائل عدوا عدم القدرة على الوصول إلى المثل المتعلقة بالحيوية يجعلك مرشحًا للسُّل، بينما ترى الرومانتيكية المعاصرة أن أصحاب الرغبات الجامحة هم المعرضون للمرض.
الفكرة من كتاب المرض كاستعارة
الاستعارة -اصطلاحًا- هي رفع المعنى من شيء وتحويله إلى آخر، تساعدنا الاستعارات على التحليل والتفسير أحيانًا، وقد تكون سببًا للتضليل وسوء الفهم أحيانًا أخرى، تحاول الكاتبة تجريد الاستعارات المتعلقة بالأمراض المختلفة من معانيها، وذلك من خلال تحليل ونقد الاستعارات المصاحبة للأمراض الشائعة التي اكتست بعديد من الصفات والصور واستُخدِمت في الأدب والسياسة وحتى اللغة اليومية.
فقد كتبت “المرض كاستعارة” على إثر إصابتها بالسرطان، إذ شعرت الكاتبة بالغضب من تلك الاستعارات حين عرفتها بعد إصابتها بالمرض، فقررت التضامن مع كل المرضى وتحريرهم من العبء النفسي والاجتماعي المصاحب للأمراض.
فما هذه الأمراض؟ كيف تُصوَّر الأمراض المختلفة في الأدب والروايات؟ وكيف تتغير النظرة إلى المرض مع تغير العصر؟ وهل تعد الأمراض الجنسية عقابًا؟ وكيف تستغل الأيديولوجيات السياسية المختلفة الأمراض لصالحها؟ وأخيرًا هل تعزل الأمراض الفرد عن المجتمع؟
مؤلف كتاب المرض كاستعارة
سوزان سونتاج: ناقدة وروائية ومخرجة وسيناريست ومؤرخة أمريكية الجنسية، حاصلة على ماجستير في الآداب من جامعة هارفارد، كما أنها عضوة في الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب، ولدت عام ١٩٣٣ في السادس عشر من يناير، وتوفيت عام ٢٠٠٤ بعد الإصابة بسرطان الدم للمرة الثالثة، لها عديد من المواقف الإنسانية كناشطة لحقوق الإنسان، ويذكر لها سفرها إلى مدينة سراييفو للتضامن مع المدينة في أثناء حصارها عام 1989 ومُنِحَت لقب مواطنة شرفية، كما حصدت عديدًا من الجوائز كجائزة السلام الألمانية للكتب وجائزة الكتاب الوطني، كما مُنِحَت وسام الفنون والآداب الفرنسي.
من مؤلفاتها:
الالتفات إلى ألم الآخرين.
أبعاد الصورة.
ضد التأويل ومقالات أخرى.
حول الفوتوغراف.
معلومات عن المترجم:
حسين الشوفي: مترجم له عديد من الأعمال، منها:
استخلاص وقصص أخرى.
الكتب في حياتي لكولن ولسون.