الانسحاب في اللحظة المناسبة
الانسحاب في اللحظة المناسبة
يوجد نوع مؤثر من أنواع الراحة المنظمة يتمثل في التوقف عن العمل في التوقيت الملائم، وذلك بعد أن تخطط لعملك أو خطوتك القادمة، وتترك هذه الفكرة للتنفيذ في اليوم التالي عندما تكون جاهزة في رأسك، ولكن طاقتك قد نفدت، وبهذه الطريقة ستتمكن من العودة إلى العمل بنشاط وسهولة دون التفكير والتخطيط من جديد، وكانت تلك طريقة “إرنست هيمنجواي” في الراحة والعمل، فكان ينصح الكُتّاب الآخرين بـ”التوقف دائمًا حين تعلم ماذا سيحدث تاليًا”، ومن ضمن أسبابه أيضًا لتدعيم فكرة التوقف في أثناء التفكير، أن هذه الطريقة بإمكانها على المدى الطويل أن تحفز العقل الباطن، ليعمل على تطوير تلك الفكرة خلال وقت الراحة أو النوم، ولكن إذا انشغلنا في أوقات وعينا بالتفكير المفرط في العمل غير المكتمل، فسيُنهك العقل قبل البدء بتنفيذ الفكرة.
و قد اتبع كاتب السيناريو “آلان بيرنز” أيضًا هذا النهج، فكان يتوقف عن العمل وهو يعلم الإطار العام للفكرة التي سيعمل على تطويرها وتنفيذها في الغد، ثم يستأنف العمل من حيث انتهى، وكان الكاتب البيروفي “ماريو بارجاس يوسا” يترك بضعة أسطرٍ جاهزةً في رأسه دون كتابتها، ليستيقظ في الصباح مستعدًّا للبدء بحماس نابع من وجود فكرة برأسه.
ويمكن فهم استراتيجية الانسحاب المخطط له عند النظر إلى الكتَّاب في بداية عملهم بالكتابة، عندما يُخيَّل إليهم أن أفضل الأعمال الإبداعية تخرج إلى النور نتيجة للإلهام الذي يتنزّل على الكتّاب لا إراديًّا، ولكن بعدما يمارسون عملية الكتابة بالتزام ولمدة كافية، يكتشفون أن أعمالهم الأكثر جمالًا وإتقانًا تأتي عندما يُلزِمون أنفسهم بروتين ثابت للعمل، يكفل لهم تنظيم الوقت بين الكتابة والحصول على الراحة الحقيقية.
الفكرة من كتاب استرح: لماذا تنجز المزيد عندما تعمل أقل
غالبًا ما تُحدثنا الكتب عن المبدعين والعظماء وطريقتهم في العمل الدؤوب وتنظيم أوقاتهم، ولكن لا تتطرق تلك الكتب إلى دور الراحة في ما حققه هؤلاء من إنجازات وتاريخ، وإن ذكرت الراحة فيُشار إليها على أنها أمر زائد على الحاجة ورفاهية غير لازمة، ولهذا فكثيرون منا يهتمون بالعمل وكيفية تحسينه، دون البحث عن طرائق لتحسين تعاملهم مع أوقات الراحة، ولأننا ندرك أهمية العمل سيكون من الضروري أن نعرف تأثير أوقات الراحة الصحيحة في تطورنا في عملنا وحياتنا على المدى البعيد.
هدف الكاتب أن يساعدنا بهذا الكتاب على منح الراحة مكانتها التي تستحقها بجانب قيمة العمل، ويقدم طرائق عملية لأنواع مختلفة من الراحة مأخوذة من أنماط حياة الشخصيات التاريخية الأكثر إنجازًا وإبداعًا وانضباطًا في حياتهم، والذين ساعد اهتمامهم بالحصول على أوقات للراحة على عيش حياة أكثر رضًا ونجاحًا وإنتاجية، ومهما ذكر من فوائد على المدى القصير للعمل المفرط والتقليل من الحصول على الإجازات، فلن يساوي تأثيراته السلبية، كقصر عمر الحياة المهنية للشخص، وزيادة التشاؤم والقلق ونقص الرغبة في المبادرة الشخصية.
إننا عندما نحصل على حقنا في الراحة لا نكون أصحاء هادئين فقط، بل نكون أكثر إبداعًا وإنتاجية ونعيش حياة مشبعة.
مؤلف كتاب استرح: لماذا تنجز المزيد عندما تعمل أقل
أليكس سوجونج – كيم بانج: مؤسس شركة ريستفول، وأستاذ زائر في جامعة ستانفورد ويعمل مستشارًا في وادي السيليكون، تنشر مؤلفاته في بعض المجلات مثل ساينتفيك أمريكان، وذا أتلانتك، وسلات، وويرد، وأمريكان سكولار.
ومن مؤلفاته المنشورة:
The Distraction Addiction: Getting the information You Need And The communication You Want, Without Enraging Your Family, Annoying Your colleagues, and Destroying Your Soul.
Empire and the Sun: Victorian Solar Eclipse Expeditions.