الخطوات الأولى.. تنظيم الفوضى
الخطوات الأولى.. تنظيم الفوضى
إثر وفاة الابن الوحيد، قررت عائلة “ستانفورد” إحياء ذكراه بإنشاء جامعة في كاليفورنيا، غايتها أن تتساوى فيها الفرص للجميع، ولا تشكل العقيدة الدينية للمتقدمين عائقًا عن الالتحاق بالجامعة، كان لا بد لفكرة تقدمية كهذه أن تحظى بكثير من النقد والأسئلة، لكن على كل حال استطاع آل ستانفورد تحويل الآلاف من الهكتارات وإسطبلات الخيول إلى مبانٍ بوسعها أن تشتمل على أنجب وأذكى العقول، ولم تحُز ستانفورد هذه الشهرة العالمية من أعمال الخير أو بسبب خريجيها المرموقين فقط، لكن ربما يكون العامل الأساسي هو البحث العلمي الذي يضع في حسبانه العائد الاقتصادي، وبفضل هذه الطريقة في الجمع بين العقل والعضلات، تبوأت ستانفورد مكانتها العالمية.
وفي أروقة تلك الجامعة، ترك “برين” و”بيج” -مؤسسا شركة جوجل- كثيرًا من الذكريات، وعلى العكس تمامًا من القصص التقليدية عن الأثرياء أصحاب الماضي المجيد في غسل الصحون والأعمال البدنية، كانت خلفية الزميلين تعود إلى طبقة مهتمة بالتقنية، ولم تكن مشكلة المال ذات بال في حياتهما، مما سيصعب الأمر كثيرًا على مسؤولي الدعاية حينما يودون إضفاء لمسة بشرية على أبطال جوجل، ففيما يتحدثون عن عالم أفضل ومستقبل أرحب سعيا إليه، كانت الأفكار الحقيقية التي تخطر برأسيهما مثيرة لرعب السامعين على الدوام،
وعلى كل حال كانت ثورة الإنترنت قد سبقتهما، والشبكة العنكبوتية آخذة في التوسع إلى ما لا نهاية، وكان هذا الكون الرقمي بحاجة إلى طريقة لإنهاء هذه الفوضى، كانت هذه هي أطروحة الدكتوراه للزميلين، محرك بحث ينظم صفحات الإنترنت ويمكن المستخدمين من الإبحار بيسر داخل هذا العالم، “Google”، الرقم المتبوع بأصفاره المئة، مشيرًا إلى كم البيانات اللا نهائي الموجود في الويب، وقد أدرك الأساتذة سريعًا أن هذا المشروع لن يظل طويلًا في مختبرات الجامعة، وأن مراحل التطوير التالية لا بد أن تأتي تحت أعين أصحاب المال وملاك الأسهم.
الفكرة من كتاب ملف غوغل
عند الحديث عن الشركات الأمريكية العملاقة، فلا داعي لذكر هيمنتها على القطاعات التي تعمل بها، لكن تأتي جوجل في مقدمة هذه الشركات بهيمنة مطلقة على بترول العصر الحديث، فلم يتوقف الأمر عند جمع البيانات وتصنيفها فقط، لكن قدرة جوجل على إزاحة منافسيها والإفلات من الرقابة والمحاسبة أصبحت واضحة، لقد أصبح محرك البحث إمبراطورية لا يغيب عنها شيء.
تلك الرومانسية التي رافقت جوجل في البدايات رضخت لقوانين السوق في النهاية، لكن المؤسسين لم يخفوا عنا أية نيات، لقد قالوا إن بغيتهم تغيير العالم، ولم نهتم بالسؤال كيف سيغيرونه، يوضح الكتاب إلى أي مدًى أصبحت جوجل نافذة ومطلعة على حياتنا اليومية، وتأثيرها في السياسة الأمريكية العالمية، إن جميع إنجازات ومنتجات العصر الرقمي تضعنا أمام خيار الرفاهة وتلبية الاحتياجات، مقابل تحويلنا إلى بشر زجاجيين لا يسترهم شيء.
مؤلف كتاب ملف غوغل
تورستن فريكه: وُلد عام 1963م، وتخرج في قسم الصحافة بجامعة ميونخ في ألمانيا، عمل نائبًا لرئيس تحرير صحيفة “Die Abendzeitung”، وكان الناطق الرسمي لشبكة Premiere ثم لشبكة Sky.
أولريش نوفاك: وُلد عام 1961م، درس الأدب الألماني وعمل محررًا وخبير تسويق لعديد من وسائل الإعلام، كما عمل استشاريًّا للعلاقات العامة في عديد من الشركات.
معلومات عن المترجم:
عدنان عباس علي: باحث ومترجم، وُلد بالعراق عام 1942م، وحصل على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية من جامعة فرانكفورت عام 1975م، عمل أستاذًا في عديد من الجامعات العربية، من مؤلفاته:
تاريخ الفكر الاقتصادي.
التحليل الاقتصادي بين الكنزيين والنقديين.
ومن ترجماته:
صندوق النقد الدولي: قوة عظمى في الساحة العالمية.
نهاية عصر العولمة.
الرخاء المفقر.