لماذا لا تسمح الشركات بالنسيان؟
لماذا لا تسمح الشركات بالنسيان؟
تتمثل معضلة منصات وسائل التواصل في سؤال، كيف نفرق بين العام والخاص؟ أي ما الذي ننشره وما الأمور التي تستحق أن تخفى عن الأعين؟ يجب تحديد ذلك الفارق قبل النشر، لأن لحظة إنتاج المحتوى هي لحظة نشره، وبعدها تدخل الذكرى في البيئة الرقمية التي لا تنسى، فلا تترك مساحة للندم أو الرغبة في التراجع، وإذا لم يستطع الآخرون نسيان ما نشرناه، فكيف سننسى؟! ولكن بعيدًا عن التشريعات والقوانين في بعض الأماكن التي تسمح للناس بمسح بياناتهم تمامًا، لنطرح سؤالًا مهمًّا، لماذا ترفض الشركات التكنولوجية السماح لنا بالنسيان والاختفاء رقميًّا؟
الإجابة ببساطة، لأن ذلك ضد مصالحها، خصوصًا عندما يمثل المراهقون والأطفال ثلث حجم المستخدمين، فتعد بياناتهم كنزًا ثمينًا تزداد أهميته بسبب طبيعة النظام الرأسمالي، الذي يعتمد على خاصية مهمة تسمى التواصلية، فالبيانات تولد مزيدًا من البيانات، وتتكرر العمليات وتتواصل على نطاق واسع، فعندما تختفي البيانات أو تُحذف فإنها تعد سلسلة مستمرة من الخسائر، ومن المثير للسخرية أنه باتخاذك قرارًا بإلغاء حساباتك على منصات التواصل الاجتماعي، سيطلب منك الإجابة على بعض الأسئلة أولًا، أي إنتاج مزيد من البيانات حتى مع رحيلك.
إذًا فمنصات التواصل الاجتماعي ليس هدفها بناء شبكة علاقات اجتماعية كما تدّعي، بل توليد شلال مستمر من البيانات، والحفاظ على تدفقها وتضاعفها، وتحسين كل التقنيات والآليات الممكنة المساعدة على تمكين المستخدمين من تمثيل ذواتهم بشكل أفضل، ومن ثم إنتاج بيانات أكثر، حتى لو كان الثمن المقابل هو حريتهم في النسيان أو التنقل.
الفكرة من كتاب نهاية النسيان.. التنشئة بين وسائط التواصل الاجتماعي
كم رغبنا في امتلاك قدرة خارقة لتذكّر كل المعلومات! ولطالما رأينا أن النسيان -خصوصًا في الامتحانات- عدو لدود، ولكن إذا تأملنا النسيان بعيدًا عن السياقات المطالِبة بالتذكر، فسنجد أن لديه عديدًا من الفوائد التي قد تنقذ حياتنا.
النسيان مهم وضروري وسنعلم لِمَ، كما سنعرف كيف تهدده منصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى معرفة مصير ذكرياتنا المنشورة عليها، وإذا أردنا الرحيل أو التغيّر، هل ستغفر لنا منصات التواصل الاجتماعي ما فعلناه سابقًا، أم ستظل تذكرنا؟ وهل توجد طريقة لحذف ما نشرناه للأبد؟ والسؤال الأهم، إذا عجزنا عن النسيان، ما تأثيرات ذلك فينا؟
مؤلف كتاب نهاية النسيان.. التنشئة بين وسائط التواصل الاجتماعي
كيت إيكورن: هي أستاذة مشاركة في دراسات الثقافة والإعلام في مدرسة نيو سكول في نيويورك، تدرس مقررات حول تاريخ الإعلام والنظرية النسوية والدراسات الثقافية، وتمتلك شهادة الدكتوراه في اللغة الإنجليزية من جامعة يورك في كندا، أسست جمعية Fembot، وهي منصة على الإنترنت للدراسات والنشاط النسوي، لتعزيز البحث الحاصل على التخصصات المختلفة والتعاون في دراسات النسوية.
وقد نُشرت أعمالها في عديد من الدوريات الأكاديمية والمجموعات المحررة، فضلًا عن وسائل الإعلام الشعبية مثل صحيفة The New York Times وThe Guardian وThe Nation، ومن بين كتبها:
The Archival Turn in Feminism: Outrage in Order.
Content.
معلومات عن المترجم:
عبد النور خُرَاقِي: مفكر وباحث ومترجم مغربي، يهتم بمجال العلوم الإنسانية والقضايا اللغوية الاجتماعية، ولد في مدينة أحفير في المغرب، ويقيم بمدينة وجدة، حصل على شهادة الدكتوراه في علم اللغة الاجتماعي وعلم التداول الاجتماعي (Socio-Pragmatics) من جامعة محمد الأول عام 2000م، وأتبعها بشهادة الدكتوراه في العلوم الإنسانية من جامعة نيوكاسل البريطانية عام 2003م، وعمل رئيسًا لقسم اللغة الإنجليزية وآدابها في جامعة محمد الأول، وأستاذًا زائرًا في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، ومحكمًا دوليًّا للأعمال المترجمة من اللغتين الإنجليزية والفرنسية إلى العربية بالأمانة العامة لدولة الكويت، وحصل على جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة عام 2022م، كما ترجم عديدًا من المؤلفات من اللغة الإنجليزية من بينها:
مدخل إلى التنقيب في بيانات العلوم الاجتماعية.
اللغة والهوية.