إلى أين نرحل؟
إلى أين نرحل؟
كانت خطوة الرحيل عن المنزل في غاية الخطورة، لنواجه أسئلة صعبة، مثل: كيف سنتصرف؟ أين سنسكن وندرس؟ ومن سنقابل؟ كان نقص المعلومات خانقًا، ويحد من شجاعتنا وقدراتنا، ولكن شبكة الإنترنت غيّرت من تلك الأمور، وسهّلت الحصول على أية معلومات، فالتصفح لبعض الدقائق فقط يمكّننا من الوصول إلى معلومات عن سكننا الجديد، والجامعة الجديدة، بالإضافة إلى معرفة أشخاص جدد وتكوين شبكة اجتماعية جاهزة، كل ذلك قبل لحظة الرحيل.
ولكن الإنترنت لم يسهّل من عملية الرحيل نفسها، لأن شبكتنا الاجتماعية وجذورنا تلاحقنا، فلا حدود اجتماعية أو جغرافية تفصل بين البيئات والأماكن المختلفة، فلو سافرت إلى مكان جديد، وأنشأت حسابات رقمية جديدة، فإن تقنيات البحث والإيجاد سوف تجدك، لترشحك الخوارزميات لعلاقاتك السابقة نفسها، ومما زاد من صعوبة ذلك هو تقنية “الإشارة | Tag” التي تصف الصورة، فبدلًا من الكتابة على ظهر الصورة الفوتوجرافية بعض البيانات التي تصفها، كأسماء الأشخاص والمكان، أصبحت المنصات تمكّن المستخدمين من الإشارة إلى أصدقائهم في الصورة، لتسهل تصنيفها والرجوع إليها.
ولكن فيسبوك رفعت المستوى، لتصمم آلية محسنة تتعرف على الوجوه في الصورة، وتضع الإشارات تلقائيًّا، مما أثار عديدًا من المخاوف تجاه الخصوصية، مثل: التعرف على الأشخاص المصادف وجودهم في المكان، بجانب المشكلة الأصلية المتعلقة بأن الصورة المشارة لا يمكننا حذفها، وتستمر في الظهور لنا، قد يكون الأمر بالنسبة إلى بعض الناس ليس بهذا السوء، فهم يريدون الاستمرار مع ذواتهم القديمة، والتواصل مع بيئاتهم وسياقاتهم الاجتماعية، ولكن في حالة الأشخاص الراغبين في الهروب من محيطهم، وإعادة تشكيل ذواتهم، فالإشارات تمثل لهم كابوسًا.
الفكرة من كتاب نهاية النسيان.. التنشئة بين وسائط التواصل الاجتماعي
كم رغبنا في امتلاك قدرة خارقة لتذكّر كل المعلومات! ولطالما رأينا أن النسيان -خصوصًا في الامتحانات- عدو لدود، ولكن إذا تأملنا النسيان بعيدًا عن السياقات المطالِبة بالتذكر، فسنجد أن لديه عديدًا من الفوائد التي قد تنقذ حياتنا.
النسيان مهم وضروري وسنعلم لِمَ، كما سنعرف كيف تهدده منصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى معرفة مصير ذكرياتنا المنشورة عليها، وإذا أردنا الرحيل أو التغيّر، هل ستغفر لنا منصات التواصل الاجتماعي ما فعلناه سابقًا، أم ستظل تذكرنا؟ وهل توجد طريقة لحذف ما نشرناه للأبد؟ والسؤال الأهم، إذا عجزنا عن النسيان، ما تأثيرات ذلك فينا؟
مؤلف كتاب نهاية النسيان.. التنشئة بين وسائط التواصل الاجتماعي
كيت إيكورن: هي أستاذة مشاركة في دراسات الثقافة والإعلام في مدرسة نيو سكول في نيويورك، تدرس مقررات حول تاريخ الإعلام والنظرية النسوية والدراسات الثقافية، وتمتلك شهادة الدكتوراه في اللغة الإنجليزية من جامعة يورك في كندا، أسست جمعية Fembot، وهي منصة على الإنترنت للدراسات والنشاط النسوي، لتعزيز البحث الحاصل على التخصصات المختلفة والتعاون في دراسات النسوية.
وقد نُشرت أعمالها في عديد من الدوريات الأكاديمية والمجموعات المحررة، فضلًا عن وسائل الإعلام الشعبية مثل صحيفة The New York Times وThe Guardian وThe Nation، ومن بين كتبها:
The Archival Turn in Feminism: Outrage in Order.
Content.
معلومات عن المترجم:
عبد النور خُرَاقِي: مفكر وباحث ومترجم مغربي، يهتم بمجال العلوم الإنسانية والقضايا اللغوية الاجتماعية، ولد في مدينة أحفير في المغرب، ويقيم بمدينة وجدة، حصل على شهادة الدكتوراه في علم اللغة الاجتماعي وعلم التداول الاجتماعي (Socio-Pragmatics) من جامعة محمد الأول عام 2000م، وأتبعها بشهادة الدكتوراه في العلوم الإنسانية من جامعة نيوكاسل البريطانية عام 2003م، وعمل رئيسًا لقسم اللغة الإنجليزية وآدابها في جامعة محمد الأول، وأستاذًا زائرًا في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، ومحكمًا دوليًّا للأعمال المترجمة من اللغتين الإنجليزية والفرنسية إلى العربية بالأمانة العامة لدولة الكويت، وحصل على جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة عام 2022م، كما ترجم عديدًا من المؤلفات من اللغة الإنجليزية من بينها:
مدخل إلى التنقيب في بيانات العلوم الاجتماعية.
اللغة والهوية.