الأسواق الحرة
الأسواق الحرة
يقضي العديد من الكادحين عقودًا في تعلم الحقائق الاقتصادية المتعلقة بسلعة واحدة حتى يصلوا إلى مركز سلطة في ما يخصها، لذا فالإحاطة بالظروف الاقتصادية هي معرفة موزعة لدى العديد من الناس، إذًا ليس من المنطقي أن تتركز كل السلطة الاقتصادية في يد جهة واحدة، ففي الأنظمة الاقتصادية المعتمدة على حرية السوق تلعب الأسعار دور الإشارات والرسائل الدالة على حالة منتج معين، مما يوفر المعلومات اللازمة للأفراد، الذين ستؤثر قراراتهم بالتبعية في سعر المنتج، ولا يمكن لجهة مركزية واحدة أن تستوعب حجم هذه التغيرات، فحين حاول النظام الاشتراكي السيطرة على آليات الإنتاج وأصبح هو البائع والمشتري، اختفى دور السوق الحرة والقرارات الفردية، كما لم توجد آلية واضحة لتحديد الأسعار، مما أدى في النهاية إلى فشله.
وتُعرف السوق الرأسمالية الحرة بأنها المكان الذي يسمح بالتعامل المباشر بين البائع والمشتري وفقًا لشروطهما الخاصة دون وجود طرف ثالث، ولا توجد أي سوق بهذه الخصائص في أي دولة، إذ تخضع الأسواق والأسعار للبنك المركزي، الذي أدى تدخله إلى السماح بالعديد من المشاريع المبنية على سوء تقدير للأسعار، ومن ثم ضياع كميات كبيرة من رأس المال، وانسحاب المستثمرين، وبناء عليه ارتفعت معدلات البطالة.
في عصور النقد السليم كانت رؤوس الأموال تتدفق بين البلدان، وكانت التجارة سلسة لا تواجه أي عقبات، ما نتج عنه زيادة المشاريع الإنتاجية على المدى الطويل، ومع الاتجاه ناحية التأميم النقدي، أصبحت التجارة عملية صعبة ذات أهمية قومية وخاضعة للإقطاعيين أو الحكومات، واختفى ما عُرف بالتجارة الحرة، وحتى قيمة النقد التي مثلت وحدة الحساب للمتغيرات في السوق الحرة، أصبحت خاضعة للسياسات النقدية، والمالية والتجارية، وتقرر الحكومات وحدها كيفية سير هذه السياسات، ونتج عن تغيرات النقد غير المتوقعة العديد من الصعوبات التي مثلت عائقًا أمام المستثمرين، إذ إن تغير سعر صرف العملة غير المتوقع في إحدى الدول، يؤدى إلى تغير أسعار الإنتاج، ومن ثم خسارة فادحة لرؤوس الأموال.
الفكرة من كتاب معيار البيتكوين: البديل اللا مركزي للنظام المصرفي المركزي
مع ظهور البتكوين وأولى صفقاته عام 2009م، ظهرت معه العديد من الاحتمالات الإيجابية، فهل من الممكن أن يمثل بداية لعودة الأسواق الحرة؟ وهل يمكن لهذه العملة الرقمية أن تتحول إلى النقد السليم الخاص بالقرن الحادي والعشرين؟ تعيدنا هذه الأسئلة إلى تحري أسباب ما يحدث حاليًّا من ضياع لرؤوس الأموال، وتقلبات العملة، وسيطرة الحكومات والبنوك المركزية على الاقتصاد.
فهل كانت هذه حال الاقتصاد دائمًا؟ وإن لم تكن، فما الذي أدى إلى هذه الكوارث الاقتصادية؟ يجيب مؤلف كتابنا عن هذه الأسئلة وغيرها، من خلال تحري السجل التاريخي للنقد، كما يناقش تأثير العملات الرقمية في الاقتصاد المستقبلي.
مؤلف كتاب معيار البيتكوين: البديل اللا مركزي للنظام المصرفي المركزي
سيف الدين عَمُّوص: مؤلف واقتصادي فلسطيني الجنسية، ويعمل أستاذًا مساعدًا للاقتصاد في الجامعة الأمريكية اللبنانية، حصل على درجة الدكتوراه في التنمية المستدامة من جامعة كولومبيا، وتركز أبحاثه على العملات المشفرة، وله عديد من المؤلفات منها:
The Fiat Standard: The Debt Slavery Alternative to Human Civilization.
Principles of Economics.
معلومات عن المترجم:
أحمد محمد حمدان: درس العلوم الإدارية والاقتصادية، كما حصل على إجازة في الأدب الإنجليزي.