تقمّص الأدوار
تقمّص الأدوار
يشعر الأشخاص المفرطو الحساسيّة بعدم الانتماء منذ الطفولة، وهم سجناء لبعض الصفات التي قمعوها واستنكروها بداخلهم حتى أصبحت تلتصق بهم كالظل، ربما لأنهم كثيرًا ما تلقوا عبارات من قبيل: “لا تكن حساسًا بهذا القدر”، أو “لا تكن انفعاليًّا أو بَكَّاءً” إذ تسهم الرسائل التي نتلقاها جميعًا وقت طفولتنا في تكوين السلوك الذي يستمر معنا طوال الحياة، لذا فنحن نتقمص أدوارًا يستحسنها الآباء والمعلمون والأصحاب حتى نلاقي الحب!
فقد يتقمص أحدنا دور الفتى الطيب، وهو الطفل المحبوب لأدبه وطيبة قلبه ولطفه طوال الوقت، لنيل الاستحسان، بيد أن هناك خوفًا يقبع داخله! أو قد يتقمّص آخر دور المنجز الصغير الذي يعمل جاهدًا في البيت والمدرسة لنيل الإعجاب، حتى يشعر بالجدارة والمحبة والتقدير، أو قد يتقمّص دور الملاك الصغير الذي ينكب على مساعدة أسرته ويضحي باحتياجاته في سبيل سعادة الآخرين، وهذا هو نفسه الذي يكبر ليأخذ دور المنقذ حد الإنهاك، كما قد يتقمّص البعض دور المهرج الذي يخفي أحزانه طوال الوقت عن طريق السخرية والتحلي بالإيجابية والضحك والترويح عن الآخرين، وقد يلجأ آخرون إلى تقمّص دور المستقل الذي يبدو مكتفيًا بذاته قويًّا كالبالغين، لأنه في داخله يخشى الأذى! وأخيرًا قد يتقمّص الطفل دور المتمرد الذي يشعر بأنه منبوذ ويتصرف بشكل يدفع الحب عنه رغم احتياجه إلى ذلك في داخله.
ومن زاوية أُخرى فإن هذه الأدوار طبيعية، فقد يكون الطفل هكذا بطبيعته دون أن يسعى إلى كسب شعور أو محو آخر، ولكن ما يحدد الشكل الطبيعي من سواه هو صعوبة التكيّف في الحياة، فمن الضروريّ وقتها أن تستعين بأحد المتخصصين لكشف أي نمط تقمصت ولم تكن على وعي به. كما قد يتخذ ذوو الحساسية أدوارًا معروفة ومألوفة، كدور الساعي إلى إرضاء الآخرين، أو الشهيد المضحي باحتياجاته الخاصة ولكنه رغم ذلك يحدث جلبة وصخبًا لكل ما يفعله، أو الضحية التي تبحث عن التعاطف، أو المتنمر الذي يستخدم أساليب التهديد والتخويف والهجوم ليصل إلى ما يريده، أو المنجز المتفوق المكنب على العمل ساعيًا إلى الكمال، أو مفرط الإيجابية.
الفكرة من كتاب دليل الأفراد مفرطي الحساسية.. كيف تغير شعورك بالضغط والإنهاك النفسي إلى شعور بالتمكن والكمال؟
هل لاحظت أن البعض قد يركّز على التفاصيل بشكل حاد ولا ينسى بسهولة؟ فمن الممكن أن تجد شخصًا ما زال يذكر كيف قد جرحك بكلمة ثقيلة قبل خمسة أشهر من الآن، في حين أنك قد نسيت ذلك، بل ونسيت تفاصيل ليلة البارحة بكل ما فيها!
إذًا.. فأين يقع الاختلاف بينك وبينه؟ وهل سمعت بعبارة “إنه فرد مفرط الحساسيّة“؟ ذاك الذي يتماهى شعوره مع كلّ الأشياء، حلوها ومرّها، إنّ هذا الكتاب سيشرح لك من هذه الفئة، وكيف يعانون، وما يجب أن يحصل كي يتقبلوا أنفسهم ويواجهوا التحديات.
مؤلف كتاب دليل الأفراد مفرطي الحساسية.. كيف تغير شعورك بالضغط والإنهاك النفسي إلى شعور بالتمكن والكمال؟
ميل كولينز: مؤلفة ومستشارة علاج نفسي، عملت في مجالات مختلفة، فقد كانت موظفة لدى أحد البنوك، وكذلك جرّبت العمل موظفة داخل السجن، ودعاها جيريمي فاين في برنامج “BBC Radio 2” للحديث عن الأشخاص المفرطي الحساسيّة كونها قد عانت في حياتها من هذه السمة. ومن أعمالها:
Positive Affirmations for Sensitive People: Embrace Your Empathy and Love Your Gift.
معلومات عن المترجم:
حسام الشرقاوي: ترجم عديدًا من الأعمال، من أبرزها: كتاب “أطفال العصر الرقمي.. كيفية التوازن في المشاهدة الرقمية وبيان دواعي أهميتها“، وكتاب “صولات على البساط الكروي”.