لمحة سريعة عن تاريخ الأديان
لمحة سريعة عن تاريخ الأديان
يعد الحديث عن المعتقدات البشرية من الأمور الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، ورغم حداثة مصطلح “تاريخ الأديان” فضلًا عن حداثة مناهج البحث فيه فإننا لو تتبعنا البحث العقدي من العصر الفرعوني حتى اليوم لوجدنا وحدة البناء الديني في مجمله رغم اختلاف صوره بين عصر وآخر.
ففي عهد الفراعنة نشطت الفلسفات الدينية والعقائد المختلفة، حيث نجد ذلك جليًّا فيما توصلنا إليه نتيجة الكشوفات الأثرية المختلفة، من برديات وتماثيل منحوتة وكتابات مسجلة على جدران المعابد، توضح إلى حدٍّ بعيد شيوع التسامح الديني والتوفيق بين المقدسات والمعبودات بشكل عام على مدى العصر الفرعوني، رغم وجود بعض الاستثناءات في بعض الحوادث التاريخية، وعلى هذا المثال أنشأ الإغريق فلسفتهم الدينية الخاصة، حيث قامت بعض الدراسات الفلسفية النقدية لمفاهيم الإله والكون والروح والفضيلة وغيرها، لتنقيتها مما علق بها من شوائب من قِبَل بعض الفلاسفة الكبار أمثال سقراط ومن بعده أفلاطون وتلميذه أرسطو.
في حين نجد أن الغزو الروماني للإغريق قبل قرنين من الميلاد أسهم بدوره في اطلاع الرومان على الأدبيات اليونانية لكن رغم ذلك كان نقلهم ساذجًا سطحيًّا، واقتصرت بعض الآراء حول الطبيعة الألوهية والشعائر والعبادات والديانات المختلفة، وظلت تلك الاختلافات الدينية إلى أن جاءت المسيحية في القرن الأول الميلادي، ومع التطور الديني انقسمت إلى مذاهب شتى، ونشأ في إثر ذلك جدال فلسفي بين المذاهب المسيحية من جانب وبين باقي الفلسفات الدينية من جانب آخر، وظلت تلك الفوضى الدينية قائمة، وضاع كثير من معالم المسيحية النقية إلى أن بزغت شمس الإسلام في أوائل القرن السابع الميلادي، حيث نقل المسلمون الكثير من معارفهم الدينية والعلمية إلى شتى البقاع، مما جعل الغرب في ذلك الوقت عالة على موائد فكرهم، بيد أن غيوم الجهل بدأت تنقشع عن سماء أوروبا مع قدوم القرنين الخامس والسادس عشر، فكانت حركة الإصلاح الديني المسيحي تتويجًا للنهضة العلمية في أوروبا وتوسع ميدان علم الأديان على أثرها شيئًا فشيئًا إلى أن استقرَّ بوضعه الحالي.
الفكرة من كتاب الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
يُطلق مصطلح “الدين” على معانٍ متعدِّدة غير أنها يمكن جمعها في نسق متقارب يدور حول معاني الملك والتصرف والعقيدة والخضوع والطاعة، فهي تدل أن ثمة علاقة بين طرفين أحدهما يخضع للآخر، فهي في حق الأول خضوع وانقياد وفي حق الثاني حُكمٌ وسلطان..
يعدُّ الكتاب إحدى الدراسات التي قام بها المؤلف في مجال تاريخ الأديان وعوامل نشأتها ودورها المجتمعي، كما عمل على تحليل الفكرة الدينية في حد ذاتها واستنباط عناصرها النفسية، وعلاقتها بالعلوم الحياتية، وفك الاشتباك الحاصل بين الدين من ناحية والفلسفة والأخلاق من ناحية أخرى.
مؤلف كتاب الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
محمد عبد الله دراز: مفكر وباحث إسلامي مصري كبير، وُلد في إحدى قرى محافظة كفر الشيخ في عام ١٨٩٤م، وحصل على شهادة العالمية عام ١٩١٦م، ودَرَس فلسفة الأديان بفرنسا في «جامعة السوربون» ونال منها شهادة الدكتوراه، وعمل مدرسًا بمعهد الإسكندرية الأزهري، ثم محاضرًا في الكليات الأزهرية الناشئة، وقد وافته المنية في أثناء حضوره مؤتمر الأديان الكبير في «لاهور» الباكستانية سنة ١٩٥٨م، حيث توفي خلال إحدى جلسات المؤتمر.
له العديد من المؤلفات أبرزها:
النبأ العظيم.
الصوم تربية وجهاد.
نظرات جديدة في القرآن.
دستور الأخلاق في القرآن.