الجنس اللعين!
الجنس اللعين!
رحالة إنجليزي يصف حال أمريكا بعد دخول كولومبوس لها بقرنين، بأنها أمة منكوبة، “ليس هناك من الورق والكلام والوقت ما يكفي للحديث عما حل بالهنود وبلادهم من دمار ولصوصية”، ويروي شاهد لمذبحة جواتيمالا التي ارتكبها العسكر عام 1982 إحدى صور نكبتها وهو يصف اختطاف أطفال بعمر السنتين أو السنوات الأربع وشقهم نصفين أمام الناظرين!
تقول الدراسات إن نسبة تتراوح بين تسعين وثمانية وتسعين بالمائة من السكان الأصليين قد قتلوا، وإن مائة واثني عشر مليون إنسان قتلت منهم الأوبئة أكثر ممن ماتوا بالقتل المباشر، فعلى مدى أربعة عقود شن الأمريكيون أكثر من ثلاث وتسعين حربًا جرثومية على السكان الأصليين للولايات المتحدة من القرن السابع عشر وحتى القرن العشرين.
كانت بداية تلك الحروب الجرثومية حين قرَّر القائد الإنجليزي العام اللورد أمهرست أن يهدي مسؤولي الهنود الحمر في المفاوضات بطانيات ومناديل محملة “بجراثيم الجدري”، ليستأصلوا هذا “الجنس اللعين” على حد وصفه، ورغم الاعترافات والوثائق المسجلة كان المؤرخون يدعون أن هذا الرقم المهول إنما مات بالأوبئة قضاءً وقدرًا.
في جبال برش كانت تسلية الجنود هي اقتياد سكان تلك المنطقة من الهنود الحمر لمأوى المجانين و”ضعاف العقول”، ولم يكن أحد يعلم كيف يتم تحديد أن هذه المجموعة من البشر تحديدًا ضعيفة عقليًّا غير أن الفقر ما كان يتم استئصاله، وكان تعقيم المراهقين والمراهقات أمرًا إجباريًّا.
تروي إحدى الضحايا التي تم تعقيمها وهي في الحادية عشرة من عمرها أنها لم تدرك ما حدث إلا بعد أن طلقها زوجها لأنها عقيم، فبعض الدراسات تتحدَّث عن أن خمسين بالمائة من نساء الشعوب الهندية تم تعقيمهن ما بين عامي 1967 و1970، وتورَّطت مصلحة الصحة الهندية في تعقيم خمسة وعشرين بالمائة منهن!
الفكرة من كتاب أميركا والإبادات الجنسية
يعثر الكاتب بالمصادفة على وثيقة وضعها الدكتور الأمريكي هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي عام 1974 بتوجيه من الرئيس جيرالد فورد تضع خطة لتعقيم نساء ثلاث عشرة من دول العالم الثالث من ضمنها مصر في خلال خمسة وعشرين عامًا، وبعد ثلاثة أعوام بدأت الحكومة الفيدرالية الإجراءات العملية، ورصدت الميزانية والوسائل الكافية لتعقيم ربع نساء العالم، واللائي كُنَّ في تقديرهم في ذلك الوقت خمسمائة وسبعين مليون امرأة!
عرَّف الكاتب فكرة أمريكا بأنها “احتلال الأرض واستبدال شعب بشعب، وثقافة وتاريخ بثقافة وتاريخ”، وهي نفسها الفكرة التاريخية لإسرائيل، شعب الله المختار المستحق وحده البقاء!
مؤلف كتاب أميركا والإبادات الجنسية
منير العكش: باحث وأستاذ الإنسانيات ومدير الدراسات العربية في جامعة سفك في بوسطن، حاز عام 1983 وسام أوروبا لحوار الحضارات، وهو مؤسس ورئيس تحرير مجلة جسور.
ألف وترجم أكثر من 22 كتابًا بالعربية والإنجليزية، ويعد من أبرز الباحثين العرب في الدراسات الأمريكية، ومن أبرز مؤلفاته:
تلمود العم سام.
هكذا تكلم محمود درويش.
أميركا والإبادات الثقافية.
أميركا والإبادات الجماعية: حق التضحية بالآخر.