تاريخ الإنجليزية في البحث العلمي
تاريخ الإنجليزية في البحث العلمي
تعد الإنجليزية اليوم أداة التواصل الأولى في المؤتمرات العلمية والندوات واجتماعات الباحثين من مختلف أنحاء العالم، وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كانت الأوراق البحثية كلها باللغة الإنجليزية، وتحولت المواقع الرسمية للجامعات والمعاهد والمختبرات البحثية العالمية على الإنترنت إلى الإنجليزية أو أضيفت إليها نسخة بالإنجليزية، غير أن الإنجليزية مرت قبل ذلك بمراحل عدة.
تعززت قوة اللغة الإنجليزية في البحث العلمي من خلال مراحل تاريخية متعددة، بدءًا من بناء الإمبراطورية البريطانية، والثورات الصناعية والعلمية، والحربين العالميتين، فمع أعقاب الحرب العالمية الثانية، بينما تهدمت أوربا واحتُلَّت دولها الشرقية وانشغلت بإعادة البناء، وتوسع الصراع المدني في الصين، ومع تراجع العلم الألماني، اغتنمت أمريكا الفرصة لدعم إنتاجها العلمي وأسست نظام الجامعة المدعوم اتحاديًّا، ونشرت شبكة مختبرات حكومية بهدف تحفيز البحث العلمي، وفي الثمانينيات هيمنت الإنجليزية في مجالات العلوم الطبيعية والطب على أكثر من ثلثي المنشورات، وبعد عقدين وصلت نسبتها في النشر العلمي الدولي إلى ما يقارب 90%.
اللافت للنظر أن الإنجليزية العلمية انفصلت عن تأثير الولايات المتحدة الأمريكية، فقد ارتفع الناتج العلمي الصيني باللغة الإنجليزية إلى أربعة أضعاف بين العامين 1999 و2009، وارتفع في مقابله الناتج الأمريكي بنسبة 30% فقط، ويظهر هذا أن الانسحاب الواضح لأمريكا بصفتها الرائدة العالمية في العلوم، لم يسبب أي تراجع للإنجليزية في مجال البحث العلمي، ومن المنطقي الآن أنه لا توجد أي سياسة إمبريالية تعمل على نشر اللغة الإنجليزية العلمية بهدف فرض السلطة على الكيانات الأخرى، فمن يتحكم في اختيارها إذًا؟
الفكرة من كتاب هل يحتاج العلم إلى لغة عالمية؟ اللغة الإنجليزية ومستقبل البحث العلمي
قديمًا كانت المؤتمرات العلمية الدولية تكتظ بأنبغ العقول وألمعها، ومع ذلك كانت تُعقد الألسنة ولا تُحل إلا بوجود المترجمين، فقد كان وجود المترجمين في المؤتمرات والاجتماعات البحثية ضرورة بالغة تتساوى في أهميتها مع وجود العلماء والباحثين أنفسهم، وقد تغالبها في بعض الأحيان، أما الآن فمن الممكن أن يجتمع عالم من الصين وآخر من الأرجنتين مع باحث مصري وآخر ألماني ويتناقشون معًا بكل سهولة، ويشاركون إنتاجهم البحثي والفكري، ويتعاونون لإنتاج المزيد، وكل هذا من خلال لسانٍ أجنبي واحد يوحدهم. وبالنظر إلى الماضي، فقد تقدم العلم بالفعل بشكل سريع لا يمكن تصوره، حتى إنه خلق عالمًا جديدًا من خلال لغة واحدة تجمع العالم، وهذه اللغة هي الإنجليزية.
مؤلف كتاب هل يحتاج العلم إلى لغة عالمية؟ اللغة الإنجليزية ومستقبل البحث العلمي
سكوت ل. مونتغمري :عالم جيولوجي استشاري، وأستاذ في مدرسة جاكسون للدراسات الدولية في جامعة واشنطن، مترجم علمي وناشر مستمر في مجلة فوربس عن علم الجيولوجيا والتغير المناخي وتاريخ العلوم واللغة والاتصال.
من أهم كتبه:
القوى الكائنة: الطاقة العالمية للقرن الواحد والعشرين وما بعده.
العلم في الترجمة: حركة المعرفة عبر الثقافات والزمن.
معلومات عن المترجم:
فؤاد عبد المطلب
عميد سابق لكلية الآداب في جامعة جرش بالأردن، ويعمل حاليًّا أستاذًا بقسم اللغة الإنجليزية والترجمة، وعميدًا للبحث العلمي والدراسات العليا في الجامعة نفسها، حصل على دكتوراه في الفلسفة في الأدب الإنجليزي من جامعة إسكس ببريطانيا، وهو عضو حالي في اتحاد الكتاب العرب في دمشق، ورابطة الكتاب الأردنيين، وقد شارك في عدد من المؤتمرات العلمية المحلية والدولية، ونُشر له عديد من الأبحاث والمقالات والكتب المؤلفة والمترجمة، منها:
جيفرسون والقرآن: الإسلام والآباء المؤسسون، لدينيس أ. سبيلبرج.
الفكر العربي بعد العصر الليبرالي.. نحو تاريخ فكري للنهضة، لدجنس هانسن وماكس وايس.د