الدعوة المتكاسلة والدعوة الناعمة
الدعوة المتكاسلة والدعوة الناعمة
إن كنت من المنشغلين بالدعوة فاسأل نفسك كم ساعة تقضي يوميًّا في البذل من أجل الدعوة، اكتسابًا للعلم وممارسةً وأخذًا بالأسباب، كم شخصًا حاولت التأثير فيه، وكم مجالًا حاولت إثراءه، والمؤسف كل الأسف أن نجد الإجابات من العاملين ضعيفة للغاية، بينما هم يقضون ساعات وساعات على وسائل التواصل وفي المطاعم، ثم هم لا يصبرون على التضحية والبذل
أوساط الشباب والنساء، الجاليات المسلمة في الغرب، أرباب العمالة، وأصحاب العمل الخاص، سائق السيارة والعامل بالدليفري، والمساعدة في الأعمال المنزلية كلهم لهم أسر وأبناء، كل هؤلاء وكل تلك الأماكن بحاجة إلى من ينظر إليها وينطلق فيها داعيًا، فإن شرف البلاغ عن الله والدعوة إليه لا ينال بالراحة، وإنما بالتضحية والبذل من وقتنا وجهدنا ومالنا وأنفسنا في سبيله.
أما الدعوة الناعمة فهي الدعوة التي تحدثك عن الدنيا أكثر مما تحدثك عن الآخرة، حديث لين وديع سطحي، يتقرَّب أصحابه به من مجالس أصحاب السلطة، ويسكتون عن كل فساد كأنهم لا يرونه، لا تجدهم في أي ميدان ينكر منكرًا إلا ما كان تطرفًا وإرهابًا، لكنك لن تجدهم يدعون أبدًا لجهاد أو مقاومة، وكلما زادت مصالحهم ازدادوا مهادنة للسلطة، ونحن لا ننكر الحاجة إلى دعاة مقرَّبين لأصحاب السلطة ولهم دورهم في الإصلاح، لكن لا يعني ذلك أن يبالغوا في الطأطأة حتى يقول أحدهم: “أنا عليَّ الأمر بالمعروف وعليكم النهي عن المنكر”، ونحن هنا لم نعد أمام دبلوماسية ولا كياسة ولا حساب مصالح للأمة، وإنما نحن أمام دعاة يتحمَّلون وزر الظلم على ظهورهم بمهادنتهم له.
الفكرة من كتاب خطوات نحو التجديد
إن الدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى طريقه، هي أعلى ما قد يطمح إليه المرء، وفي ذلك يقول تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾.
وفي ظل التغيرات والمستجدات المتسارعة التي يعيشها جيل اليوم، ويلمسها كل المنشغلين بالفكر والدعوة، يرى الكاتب أن من المهم والصحي أن نتشارك همومنا وأسئلتنا لنعي الحاضر ونستعد للمستقبل والعمل له، وعرض أفكاره عن مشكلات المفكرين والدعاة على قسمين؛ تجديد الوعي، وتجديد الدعوة.
مؤلف كتاب خطوات نحو التجديد
علي بن حمزة العمري، داعية سعودي، ولد عام 1973م، حاصل على دكتوراه في الفقه المقارن، وماجستير في أصول الفقه، رئيس جامعة مكة المكرمة المفتوحة، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورئيس مجلس إدارة مركز فورشباب للدراسات والبحوث والتطوير، حاصل على لقب سفير السياحة العربية، ألف أكثر من ٧٠ كتابًا، وله العديد من البرامج الفضائية.
ومن مؤلفاته:
مشكلات وحلول في حياة الشباب.
سلفي في كافيه.
النقد الدعوي مراجعة لا رجوع.
الصحة الإيمانية.