تأثير الإنترنت في شكل الحياة البشرية
تأثير الإنترنت في شكل الحياة البشرية
يمكن النظر إلى الفضاء الإلكتروني باعتباره مجالًا ينشأ من ارتباط أجهزة الكمبيوتر والخوادم بعضها ببعض عبر بنية تحتية، بهدف تنفيذ أوامر المستخدم.
ويتميز الفضاء الإلكتروني بقلة تكلفة الحصول عليه وسهولة استخدامه، فضلًا عن سهولة الحصول على المعلومات وتوافرها، هذه المميزات جعلت الفضاء الإلكتروني سوقًا عامة مفتوحة للتفاعلات الإنسانية في مجالات الحياة كافة.
ومع تطور الإنترنت ومواقع الويب، أصبح الفضاء الإلكتروني واحدًا من أهم العناصر التي تؤثر في النظام الدولي، فضلًا عن التأثير في القيم السياسية وأشكال القوة المختلفة، إذ تختلف أدوات ممارسة القوة في العلاقات الدولية حسب قدرات وإمكانيات القوى المشاركة، فتشمل القوة العسكرية والقوة الاقتصادية والحصار الاقتصادي والأدوات المعلوماتية، ولكن تطور المعلومات جعل من الحصول عليها الهدف الأساسي للدول في ممارسة القوة والنفوذ.
وقد أدّى تزايد الاعتماد على الفضاء الإلكتروني إلى أن تُدخِل عديدٌ من الدول الفضاءَ الإلكتروني ضمن حساباتها الاستراتيجية وأمنها القومي، ومن خلال دور الفضاء الإلكتروني كأداة اتصال ووسيلة إعلام دولية، تستطيع الدول تحقيق التفاهم الدولي وتعظيم قدراتها على تحقيق السلم والأمن.
وتظهر العلاقة بين الفضاء الإلكتروني والأمن الدولي في تخزين المحتوى العسكري والأمني والفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي في الفضاء الإلكتروني، فمع توسّع الحكومات الإلكترونية في عديد من الدول، وتزايد استخدام الإنترنت في المجالات كافة، وتحول بعض مواقع التواصل الاجتماعي إلى فاعلين غير تقليديين في العلاقات الدولية، أصبح الإنترنت سلاحًا ذا حدين.
فمن ناحية يمثل الإنترنت وسيلة للتقدم والرخاء، ومن ناحية أخرى يشكل تهديدًا متزايدًا في ظل غياب سلطة قانونية تسيطر عليه، يتمثل في شن هجمات إلكترونية تستهدف البنية التحتية للدولة، أو سرقة معلومات وبيانات عسكرية أو التلاعب بها، أو ممارسة الإرهاب الإلكتروني من قبل بعض الأفراد المتطرفين دينيًّا، أو التجسس على البيانات الشخصية بغرض ابتزاز الضحية، وغيرها كثير من التأثيرات السلبية والخطيرة.
الفكرة من كتاب حروب مواقع التواصل الاجتماعي
استطاع الإنسان عبر العصور استغلال البيئة من حوله وفرض نفوذه عليها، بدءًا من الأرض أو الإقليم البري، مرورًا بالبحر أو الإقليم البحري، ومع التطور التكنولوجي، تمكن الإنسان من استغلال بيئة طبيعية أخرى وهي الجو أو الإقليم الجوي، ومع القفزة التكنولوجية المذهلة في عالم الطيران والصواريخ، أمكن استغلال بيئة طبيعية جديدة وهي الفضاء الخارجي.
وبظهور الإنترنت وبزوغ عصر المعلومات، ظهرت لدينا بيئة جديدة وهي الفضاء الإلكتروني، ولكنها تختلف عن سابقتها في أنها ليست طبيعية، بل هي بيئة من صنع الإنسان، ولكنها تتمتع بخصائص تميزها، كسهولة استخدامها وانخفاض تكلفتها، فمن يمتلك آليات توظيف هذه البيئة الإلكترونية الجديدة سيصبح الأكثر قدرة على التأثير في سلوك المستخدمين لتلك البيئة.
وفي هذا الكتاب، سنتناول الإجابة على بعض الأسئلة التحليلية، مثل: ما هو الفضاء الإلكتروني؟ وكيف أثر ذلك المفهوم في تحولات القوة وأشكال الحروب بين الدول؟ وما أدوات القتال في تلك الحروب؟ وما معايير الانتصار؟ وكيف يمكن لدولة أن تتعامل معها؟
مؤلف كتاب حروب مواقع التواصل الاجتماعي
إيهاب خليفة: هو رئيس قسم التطورات التكنولوجية بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في أبو ظبي، وباحث دكتوراه في إدارة المدن الذكية، وباحث سابق بمجلس الوزراء المصري.
تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عام 2009م، ونُشر له عديد من الأبحاث العلمية باللغتين العربية والإنجليزية، حول الحروب السيبرانية، والتهديدات والتحديات الناجمة عن الاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
نُشر له كتابان آخران هما:
القوة الإلكترونية، كيف يمكن للدول أن تدير شؤونها في عصر الإنترنت؟
مُجتمع ما بعد المعلومات.