كيف نتذكر ولماذا ننسى؟
كيف نتذكر ولماذا ننسى؟
كما اقترح اثنان من علماء النفس يومًا، فإن محاولة تذكر معلومة من الذاكرة الطويلة المدى يشبه البحث عن شيء في غرفة كبيرة معتمة باستخدام مصباح يدوي صغير، ولا بد للتذكر أن يبدأ من مكان ما ولغرض معين، ومن نقطة البدء فإنك تنشط الصلات العصبية بين الأجزاء التي تبحث عنها أو الأشياء المتعلقة بها، فإذا وصلت إلى هذه الصلات يُترجم ذلك إلى التذكر، وإن لم تجدها فهذا هو الشعور بالنسيان.
ولا شك أن هناك تفاوتًا في القدرة على تذكر المعلومات المختلفة، فتذكرك لاسمك ليس كتذكرك لخطوات القسمة المطولة! وهذا التفاوت يعتمد على التلقائية | Automaticity وتعني القدرة على تذكر الأشياء بجهد لا يُذكر أو بغير جهد تمامًا، وتتحقق التلقائية بكثرة تكرار المعلومات ودوام استخدامها.
عرفنا كيف نتذكر، فتُرى لماذا ننسى؟! قد ننسى لأسباب كثيرة أولها أننا لم نتعلم الشيء من الأساس، فقد تنظر إلى الكتاب وتظن أن المعلومات أصبحت في رأسك، فتغلق الكتاب وتعلنها صريحة لقد ذاكرت! بينما عند نظرك إلى الكتاب حضرت المعلومات في ذاكرتك العاملة لثوانٍ أو دقائق ثم سرعان ما تطايرت، لأنك لم تعالجها معالجة عميقة تمكنها من الانتقال إلى ذاكرتك الطويلة المدى. وثاني أسباب النسيان أننا قد لا نتوجه إلى الوصلات العصبية المختصة بالمعلومات التي نبحث عنها، فعندما ترى شخصًا وتشعر بأنك تعرفه ولكنك لا تستطيع تذكره، قد يرجع ذلك إلى أنك رأيته مع صديق لك وربطته في ذهنك بصديقك هذا، وعندما رأيته لم يأتِ صديقك في بالك وإنما أخذت تبحث في سياقات أخرى ومن ثم لم تتذكر. والجيد في هذه الحالة أنه نسيان بسبب عدم الوصول إلى المعلومات وليس فقدها. أما ثالث أسباب النسيان فتُفقد فيه المعلومات وذلك بسبب الاستخدام النادر لها.
عرفنا لماذا ننسى، ولكن لن تقف معرفتنا عند هذا الحد، بل سنعرف الآن كيف نقاوم النسيان. لمقاومة النسيان يمكنك الاستعانة بوسائل تذكير خارجية، كمنبه هاتفك ووضع ملصقات في أماكن تراها بشكل دائم، وللعثور على شيء فقدته كالمفاتيح، ارجع إلى الوراء وأجرِ مراجعة ذهنية لأنشطتك الأخيرة، وتفقده في الأماكن التي ربما مررت بها وأنت شارد الذهن، وإن كنت تحاول جاهدًا تذكر شيء ورغم ذلك تفشل فلا تصر على تذكره، بل انشغل في أي أمر آخر وستجده آتيًا إليك بنفسه، وهذا ليس سحرًا، وإنما ذهنك كان يعمل في الخلفية على إيجاده.
الفكرة من كتاب كيف نفكر ونتعلم: آفاق نظرية ودلالات عملية
هل سمعت الشائعة التي تقول إننا لا نستخدم سوى 10% من أدمغتنا؟ وهل تظن أن التكرار هو الوسيلة الفعالة للتعلم؟ وهل ترى أن الشغف والدافعية هما المفتاح السحري الذي يمكنك من الإنجاز والعمل؟ حسنًا، يؤسفني إخبارك بأن كل هذه مفاهيم خاطئة، ورغم شيوعها فإن لها تأثيرًا سيئًا في التعلم في من يتبناها. ولكن في المقابل يوجد خبر سار هو أننا بصدد تصحيح كثير من مفاهيمنا الخاطئة، وسنعرف معًا خبايا الدماغ والتفكير والتعلم من الناحية النظرية والتطبيقية، فهلّا انطلقت معي ورحبت بتغير نظراتنا وتطوير مفاهيمنا وتعزيز تعلمنا وتفكيرنا!
مؤلف كتاب كيف نفكر ونتعلم: آفاق نظرية ودلالات عملية
جين إليس أورمرود: باحثة ومتخصصة في علم النفس، حصلت على شهادة البكالوريوس في علم النفس من جامعة براون، وشهادة الماجستير في العلوم، والدكتوراه في علم النفس التربوي من جامعة بنسلفانيا، كما عملت أستاذة لعلم النفس التربوي في جامعة شمال كولورادو حتى عام 1998م، وتشغل حاليًّا منصب أستاذة زائرة في كلية العلوم النفسية بالجامعة نفسها.
من مؤلفاتها:
Human Learning.
Child Development and Education.
Educational Psychology, Student Study Guide.