نحو ميتانظرية للذكاء
نحو ميتانظرية للذكاء
تعرف الميتانظرية اصطلاحًا بأنها نظرية تجمع النظريات المختلفة التي تقوم على لبنة مشتركة ضمن مجال علمي موحد، وتحتوي بيانات كافية للمساعدة في الاستدلال على صحة النظريات الجديدة أو دحضها، كما تتسم بالسعة فتحتوي نظريات مختلفة تتنافس في ما بينها، ويؤدي عدم وجود الميتانظرية إلى عرقلة التقدم العلمي نتيجة التمسك بالأفكار القديمة وعدم النظر إلى الأدلة الجديدة أو السماح بنظريات مختلفة.
وضعت أول ميتانظرية للذكاء حين افترض جِينْسن أن التشعبَ الإيجابيَّ -الذي يعني أن الأداء الجيد للفرد في أحد اختبارات الذكاء الفرعية ينبئ بأنه سيجيد الاختبارات الأخرى- عائدٌ إلى ما يعرف بوقود الجي (g)، وهي ناقلات عصبية موجودة عميقًا في الدماغ، لا تتأثر جودتها بالبيئة أو عوامل الصدفة وتعتمد على المورثات فقط، وحتى التمرين لن يحسن من نوعية وقود الجي (g)، ولكنه يحسن من كفاءة العقل أو سرعته، لم يعطِ جينسن أي تفسير في ما يخص اختلاف المورثات بين الأعراق، ورغم ضيق هذه النظرية رُفعَت لتصبح ميتانظرية للذكاء، ويجب على كل النظريات الفرعية أن تخضع لأسسها حتى تُقبل، تمامًا كما تجاهلت فيزياء نيوتن الظواهر المنحرفة عنها في ما يعرف بصراع الكم والكلاسيكية.
دُحِضَت ميتانظرية وقود الجي (g) من خلال فحص اختبارات الذكاء المختلفة كالـSAT وويكسلر واختبار ريفن، وتبين أن التعليم يعزز طيفًا من القدرات المعرفية وكذلك قدرتنا على تفسير التشعب الإيجابي عند تنحية وقود الجي (g)، ومن ثم نستنتج أهمية عدم وضع تعريف ضيق للذكاء.
تطورت ميتانظرية جديدة للذكاء أكثر رحابة وتضم عديدًا من النظريات الفرعية وتضمنت ثلاثة نطاقات: النطاق الأول: مراعاة الفوارق الفردية ضمن المجموعة الواحدة وصياغة المقاييس المدعومة بثقافة الأفراد. النطاق الثاني في الميتانظرية: تقدير تغيرات الـIQ عبر الزمن تبعًا لمتغيرات كل عصر ومشكلاته المعرفية. أما النطاق الثالث: ففيه يشبه الدماغُ العضلاتِ، وعلى الرغم من كونه وحدة نظامية فعند إجراء المهام المعقدة تختلف الدارات العصبية ونشاط مناطق الدماغ من مهمة لأخرى، وما زال علم النفس يحاول توحيد النطاقات الثلاثة لميتانظرية الذكاء.
الفكرة من كتاب هل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشريهل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشري
مع التقدم المعرفي الهائل والاختراعات المذهلة النابعة من عقول الأذكياء، وبالرغم من قدرتنا الحالية على إجابة عديد من الأسئلة المتعلقة بالبشر من الناحية البيولوجية أو النفسية، ما زلنا لا نمتلك تعريفًا واضحًا للذكاء، وما زال تقدمنا التكنولوجي قاصرًا على قياس هذه الملكة الفريدة المحاطة بالغموض أو الإحاطة بكل صفاتها.
هل يمكن وضع تعريف للذكاء؟ وهل نحن حصيلة الجينات التي ورثناها فقط؟ هل تُحدث العوامل كالعائلة والخبرات الحياتية فرقًا في مستوى الذكاء الفردي؟ وهل تعد تجاربنا الحياتية وقراراتنا الشخصية فريدة وذات تأثير في عمل عقولنا، أم أن الذكاء كالصفات الجينية الثابتة؟ يحاول كتابنا الإجابة عن كل هذه الأسئلة المثيرة وغيرها الكثير من خلال تحليل نتائج اختبارات الذكاء المختلفة على مدى فترات زمنية طويلة، كما يناقش نظريات الذكاء المختلفة وآلية عمل بعض اختبارات الذكاء المشهورة.
مؤلف كتاب هل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشريهل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشري
جيمس آر فلين: هو فيلسوف وعالم نفس، ولد عام ١٩٣٤م في الولايات المتحدة، درس في جامعة شيكاغو وحصل على دكتوراه في الفلسفة، وهاجر إلى نيوزيلندا عام ١٩٦٣م حيث عمل مدرسًا للسياسة في جامعة أوتاجو، حصد عديدًا من الجوائز بسبب أعماله المتميزة في المجال البحثي المتعلق بالذكاء ومنها: ميدالية العلوم الإنسانية عام ٢٠١١م، وزمالة الجمعية الملكية في نيوزيلندا، له عديد من المؤلفات ومنها:
What is intelligence
Are we getting smarter
How To Improve Your Mind
معلومات عن المترجم:
أحمد الناصح: مترجم ومدون عراقي، من أعماله المترجمة:
صورة فوتوغرافية للرب.
أعظم فلاسفة غيروا العالم.