تباين الأدوار وتعددها
تباين الأدوار وتعددها
في أثناء حفاظ أعضاء أي فريق على وضعهم أمام الجمهور يمكن أن يشوب أداءهم بعض المغالاة في إيصال بعض الحقائق والتهاون في إيصال البعض الآخر، وهذا راجع إلى عدم قدرتهم على التحكم في المعلومات الهدَّامة التي تنفي عن الأداء طابع المصداقية وتجعله عديم الفائدة، ومن ثم تقع على عاتق الفريق مهمة أساسية، تتمثل في الحفاظ على الأسرار وإبقائها طي الكتمان، وهذه الأسرار تتخذ ثلاث صور، الصورة الأول “الأسرار المصونة” وهي الخاصة بالحقائق التي لا تتوافق مع صورة الذات وتُحجب عن الجمهور، الصورة الثانية “الأسرار الاستراتيجية” وهي الحقائق التي يخفيها الفريق عن الجمهور لمنعهم من التأقلم مع الموقف الذي يخططون له، الصورة الثالثة “الأسرار الداخلية” وهي الأسرار التي يمتلكها أحد أفراد الفريق دون غيره، وتتسم هذه الأسرار بالإقصاء كونها غير متاحة لأحد غير مالكها.
وإذا اتخذنا أداءً معينًا كنقطة مرجعية، يمكننا حينئذٍ أن نميز بين ثلاثة أدوار على أساس الوظيفة، دور يقوم به المؤدّون الذين يعلمون الانطباع الذي يعززونه، كما يعلمون المعلومات الهدامة الخاصة بالعرض، ويظهرون في منطقتي الواجهة والكواليس، ودور يقوم به المؤدَّى لهم وهؤلاء يعلمون ما يُسمح لهم بأن يدركوه ولا يملكون معلومات هدامة عن العرض، ويظهرون في منطقة الواجهة فقط، ودور للغرباء الذين لا يؤدُّون ولا يؤدَّى لهم، ولا يعلمون شيئًا عن الأداء ولا الواقع الذي يُعززه، وهؤلاء محجوبون عن منطقتي الواجهة والكواليس.
بيد أن الغالب هو انعدام التوافق بين الدور والمعلومات المتاحة ومناطق التأثير، وهو ما ندعوه بالأدوار المتباينة، وتنقسم ثلاثة أنواع، النوع الأول “دور المخبر” وهو الشخص الذي يتسلل إلى داخل الفريق ويَظهر بوصفه جزءًا منه، ومن ثمَّ يُسمح له بدخول منطقة الكواليس ومعرفة أسرار الفريق، النوع الثاني “دور المأجور” وهو الشخص الذي يَظهر بوصفه عضوًا من الجمهور وهو في الواقع متواطئ مع المؤدِّين، النوع الثالث “دور المخادع” وهو الشخص الذي يجلس بين الجمهور ويعمل لمصلحتهم من خلال استخدام فطنته، للتحقق من محافظة المؤدين على المعايير التي لا تتنافى مع الواقع، وإلى جانب هذه الأدوار توجد ثلاثة أدوار أخرى متباينة تشمل أشخاصًا لا يحضرون الأداء ولكنهم يمتلكون معلومات كثيرة عنه، كمتخصصي الخدمة الذين يبنون العرض ويعملون على صيانته وإصلاحه، والنجيّ الذي يعترف له المؤدِّي بذنوبه، والزميل وهو الذي يقدم الأداء نفسه أمام الجمهور نفسه، لكن دون تعاون كما يفعل أعضاء الفريق.
الفكرة من كتاب تقديم الذات في الحياة اليومي
يُبين المؤلف في هذا الكتاب الطرائق والأساليب التي يُدير بها البشر صورهم وانطباعات الناس عنهم، واعتمد في بيان ذلك على مبادئ دراماتورجية خاصة بفن التأليف المسرحي، فالممثل وهو الطرف الأول على خشبة المسرح، يقدم نفسه في هيئة شخصية مسرحية ضمن طرف ثانٍ وهم الشخصيات المسرحية التي يقدمها ممثلون آخرون، ويُشكل الجمهور طرفًا ثالثًا في هذا التفاعل، وهو طرف أساسي، لكن في الأداء المسرحي الواقعي لا يكون الجمهور طرفًا في الأداء، إذ تُضغط الأدوار الثلاثة في دورين فقط يمثلهما المؤدِّي والآخرون الذين يشاركونه الأداء.
مؤلف كتاب تقديم الذات في الحياة اليومي
إرفنج غوفمان: هو عالم اجتماع وعالم نفس كندي، وأحد أكثر علماء الاجتماع تأثيرًا في القرن العشرين، شغل منصب الرئيس الثالث والسبعين للجمعية الأمريكية لعلم الاجتماع، وكان عضو هيئة التدريس بقسم علم النفس بجامعة كاليفورنيا وجامعة بركلي، من مؤلفاته:
ملاذات.. مقالات عن الوضع الاجتماعي للمرضى العقليين وغيرهم من النزلاء.
تحليل الإطار.
أشكال الكلام.
معلومات عن المترجم:
ثائر ديب: هو مترجم وطبيب سوري، تخرج في كلية تشرين بسوريا، ومتفرِّغ كليًّا للعمل في الترجمة والمجال الثقافي، شغل عضوية الهيئة الاستشارية لسلسة “ترجمان” الصادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وعمل في الهيئة السورية للكتاب، وهو عضو جمعية الترجمة في اتحاد الكتاب العرب، من ترجماته:
فكرة الثقافة.
بؤس البنيوية.
العلاج النفسي بين الشرق والغرب.