العيش في عالم رقمي
العيش في عالم رقمي
لا يوجد شيء مجاني، ولكننا نستخدم الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بالمجان، ذلك لأننا المنتج نفسه، اهتماماتنا وبياناتنا هو ما نضحي به عند قبولنا شروط استخدام تلك المواقع، وتتسابق كبرى الشركات على لفت انتباهنا واستغلال بياناتنا، ولكن ما تأثير ذلك العالم الرقمي في رؤيتنا لأنفسنا وإدراكنا لما حولنا؟ نرى كل شيء في العالم عبر وسيط رقمي وهو شاشة الهاتف، فتختفي مشاعرنا وأفكارنا الأصيلة ونبدأ بالتظاهر واستعراض مشاعر مزيفة لصنع هويات رقمية متعددة حسب موقع التواصل الاجتماعي.
بالإضافة إلى ذوبان الحدود بين الوهم والحقيقة بسبب تأثير كثرة استهلاك الصورة الرقمية، فلماذا نتكبد عناء الذهاب إلى متحف وبإمكاننا مشاهدة اللوحات على جوجل، وتدريجيًّا ينعزل الفرد المسلوبة إرادته عن العالم الخارجي وينغمس أكثر في العالم الافتراضي، مقتنعًا بمصداقية ما يستهلكه، وهو وهم كبير، لأن اللوغاريتمات المسؤولة عن البحث عن النتائج التي يريدها غير محايدة.
وإن لم نتصل بالإنترنت أو نستخدم مواقع التواصل الاجتماعي فإننا لا نزال مراقبين، لعلك سمعت بمصطلح إنترنت الأشياء IoT، وهو قدرة الأجهزة على الارتباط بعضها ببعض رقميًّا، فبمجرد رغبتك في إضاءة المصباح فإنه يضيء، وهو ما يعني أن محيطنا يتجسس علينا، ويمتد الأمر ليشمل المدينة كلها، فظهر مصطلح المدينة الذكية smart city، وتضاعفت أعداد الكاميرات في كل مكان، أما في مجال الصحة فقد وعدتنا أجهزة القياسات بتوفير حياة ممتدة مريحة عبر قياس ومتابعة كل مؤشرات أجسادنا الحيوية، فاتحةً الباب لسوق تساوي أكثر من تسعة وعشرين مليار دولار من استغلال هوسنا الصحي.
الفكرة من كتاب الإنسان العاري.. الدكتاتورية الخفية للرقمية
كتب جورج أورويل روايته الشهيرة “1984” عن عالم خيالي، أفراده مراقبون باستمرار من الحاكم الذي يطلق عليه الأخ الكبير، فما مدى تشابه عالمنا الرقمي مع عالم جورج أورويل؟ منذ أن تفتح عينيك وتتصل بالإنترنت تبدأ مراقبتك، فالداتا تحل محل الأخ الكبير، وتتشابه الرغبة في السيطرة لديه مع شركات الداتا العملاقة، فلماذا ترى المؤسسات التكنولوجية العملاقة بياناتك كنزًا ثمينًا؟ وما تأثيرات العيش في عالم رقمي في إدراكنا ووعينا؟ أين ذهبت الخصوصية والمراقبة السياسية لتكنولوجيا المعلومات؟ وهل ستقودنا الداتا إلى عالم تسيطر عليه الآلات وتستعبد البشر؟
مؤلف كتاب الإنسان العاري.. الدكتاتورية الخفية للرقمية
مارك دوغان : كاتب صحفي وروائي ومخرج سينمائي فرنسي، ولد بالسنغال عام 1957م.
كريستوف لابي: مؤلف وصحفي بمجلة لوبون الفرنسية.
معلومات عن المترجم:
سعيد بنݣراد | Said Bengrad: مفكر وباحث وأستاذ السيميائيات بكلية الآداب جامعة محمد الخامس أكدال بالرباط بالمغرب، وهو المدير المسؤول لمجلة “علامات”، وهي مجلة متخصِّصة في الدراسات السيميائية، نشر عديدًا من المؤلفات منها:
مدخل إلى السيميائية السردية.
البحث عن المعنى.
ومن ترجماته:
-أنا أوسلفي إذن أنا موجود.. تحولات الأنا في العصر الافتراضي.