كثافة الحياة بين الصورة والفكرة
كثافة الحياة بين الصورة والفكرة
انشغل العالم بالكهرباء في القرن الثامن عشر لدرجة أنها أصبحت المكون المركزي للحداثة، والأمل الأوربي الأكبر.
أما الفكرة التي شغلت الفلاسفة القدماء فهي قوة التغير والتنوع، تعد الديناميكية اليونانية القديمة كما يعرفها أرسطو كافية لمقارنة كل شيء بنفسه، فالشيء هو نفسه مع تغيره ومع مرور الوقت، فالطفل هو ما سيكون عليه في المستقبل، وبذلك يمكن إعادة الموضوع إلى ذاته وقياس قوة تغيره بـ”أكثر” أو “أقل”، وقد أتاح تاريخ ما يسمى بـ”خطوط عرض الأشكال” قياس التغير عبر الكميات والأحجام الممتدة.
مع تشكيل ميكانيكا نيوتن العامة قسمت الحقبة الكلاسيكية الكائن جانبًا سلبيًّا غير متنوع وهو “الأجسام”، وجانبًا آخر متنوعًا بلا تناسق وهو “القوة”، فكل ما يتم تحريكه عديم التنوع، وكل ما يدفع إلى الحركة متنوع، ويعني هذا أن ما يتم تحريكه هو جسم، وما يدفع إلى الحركة هو بلا جسم، وبذلك تصبح القوة تنوعًا خارجيًّا يخص اللا شيء المسلط على كل شيء، وهنا تترك القوة الجانب الميتافيزيقي لتصبح مفهومًا فيزيائيًّا.
وفي الأخير أسست العقلانية الأوربية القوة بأنها مجرد تنوع، مجرد “أكثر” أو “أقل”، بلا هوية أو تعريف، وظل العلم المتعلق بالقوة عاجزًا عن إدراك ماهيتها حتى ظهور الكهرباء، إذ رسمت للإنسان صورة الكثافة التي لم تعد العقلانية تقبل بتصورها، ومن خلال الصورة التي هي بروز الكهرباء، والفكرة التي هي التغير النوعي، أصبحت كلمة “الكثافة” تعني التغير الذي يطرأ على الصفة، ومقياس التغير الذي يقارن الشيء بذاته.
الفكرة من كتاب الحياة المكثفة: هوس الإنسان الحديث
يعيش الإنسان حياته باحثًا عن الحياة، عن لحظات كهربائية تنعشه وتجعله يصيح “هكذا هي الحياة!”، صار الإنسان المعاصر سريع الملل دائم الرغبة في أن يجرب كل الشعور، وأن يملك كل شيء، وأن يعيش، لا يعيش فقط، بل يعيش بعمق وتنوع وجنون، وأن يعيش بكثافة.
يناقش الكتاب الكثافة باعتبارها مفهومًا فلسفيًّا، ويبحث سبب وكيفية اعتماد الإنسان عليها كنموذج حياتي، ويتطرق إلى مصير الإنسان المحتوم!
مؤلف كتاب الحياة المكثفة: هوس الإنسان الحديث
تريستان غارسيا: فيلسوف وروائي فرنسي، عمل أستاذًا في جامعة أميان، ويعمل حاليًّا مدرسًا مساعدًا في قسم الفلسفة بجامعة ليون، نُشر له عديد من الأبحاث في مجال الميتافيزيقيات.
من أعماله:
Form and Object: A Treatise on Things.
Hate: A Romance.
معلومات عن المترجم:
صلاح بن عيّاد:كاتب ومترجم تونسي، نُشر له عديد من المؤلفات والترجمات، من أعماله:
عودة الورود.
ارتعاشات النحات.
من ترجماته:
“قوة معادية”، لجون أنطوان نو.
“كلاب الحراسة”، لبول نيزان.