خروج الرأسمالية للعالم
خروج الرأسمالية للعالم
عقب سقوط البندقية سيطرت مدينة أَنْڤِرْزْ على المشهد في أوربا لعدة أعوام، بقدرتها على إدارة الأسواق المالية ووضعها في خدمتها دون امتلاك جيش قوي أو إمبراطورية كبيرة، شكلت أَنْڤِرْزْ المقر الرئيس لتبادل منتجات شمال أوربا، مع التوابل التي تأتي من إفريقيا وآسيا على المراكب البرتغالية والإسبانية، وأصبحت بورصة أَنْڤِرْزْ المركز المالي الأول في أوربا.
لم تستمر أَنْڤِرْزْ مركزًا للنظام التجاري كثيرًا نتيجة زيادة تداول الفضة في الأسواق، وهو ما أدى إلى انخفاض سعر المعدن الذي تعتمد عليه شبكة أَنْڤِرْزْ التجارية. صاحب انخفاضُ أسعار الفضة زيادةً في أسعار الذهب ليصبح الذهب أكثر إغراءً للمضاربين، وهو ما ساعد مدينة جِنوَة لتصبح مركز العالم الجديد بامتلاكها أول سوق للذهب، وتتحكم في أسعار صرف جميع العملات في أوربا.
جاءت هزيمة الأسطول الإسباني أمام سواحل إنجلترا لتغير معالم العالم، فعقب هزيمة الأسطول الإسباني لم تستطع إسبانيا منع الهولنديين من السيطرة على الطرق التجارية وجلب الذهب والفضة من الأمريكيتين، وتحولت أمستردام إلى موقع ضخم لإنتاج السفن وصيانتها، ومركز تحكم في طرق التجارة العالمية.
جاءت الإمبراطورية البريطانية بعد ضعف أمستردام لتصبح الموضع الذي تدار فيه جميع رؤوس الأموال الأوربية، حينما بدأ معدل إنتاجها الصناعي في الارتفاع عن مثيله في الزراعة، وبدأت الاختراعات والتقنيات الجديدة تأتي إلى لندن من كل مكان.
لكن نتيجة التوسع الذي حدث للإمبراطورية البريطانية، ازدادت نفقاتها العسكرية، وبسبب عدم وجود الثروات الكافية التي يمكنها توفير هذه النفقات، لم تستطع الإمبراطورية البريطانية منع النهاية الحتمية لأي إمبراطورية مهما بلغت، وجاءت الولايات المتحدة بامتلاكها للبترول واكتشاف الكهرباء، لتصبح المركز الجديد للعالم.
سارت الولايات المتحدة على نفس خُطا المراكز السابقة للنظام التجاري، وتحكمت في الأسواق المالية العالمية، لكنها كعادة المراكز السابقة أيضًا، تواجه أمورًا ككثرة الديون الخارجية، وازدياد الفروق في معدلات الدخل بين أفراد المجتمع، وزيادة نفوذ الشركات، وزيادة معدلات الإنفاق العسكري لحماية الدولة، تجعل استمرارها مركزًا للنظام التجاري ربما لن يدوم طويلًا!
الفكرة من كتاب قصة موجزة عن المستقبل
يتقرر اليوم ما سيكون عليه العالم خلال الأعوام القادمة، وبحسب النهج الذي سوف تنتهجه المجتمعات سيتحدد ما إذا كانت الأجيال القادمة ستعيش في عالمٍ قابل للحياة، أم في عالم قد تدمرت معالمه.
يعيش العالم اليوم تحت سطوة النظام التجاري الذي جعل من الأنا والذات الفردية قيمًا مطلقة، وجعل حياة الأفراد أكثر انعزالًا وفقرًا، وحياة المجتمعات أكثر قسوةً وفوضى.
ولن تظل حال هذا العالم على ما هي عليه لكثير من الوقت، إذ تحمل تنبؤات المستقبل عديدًا من الأمور غير السارة التي تفيد أن العالم سيداوم على التغيير نحو ما هو أعظم من ذلك.
ولا يمكن تجنب العالم لهذا المصير غير السار دون محاولة فهم الأسس التي حكمت التاريخ على مدار القرون السابقة، لمعرفة أبرز التوقعات التي تتعلق بموجات المستقبل.
يحتوي هذا الكتاب على سرد تاريخي قصير لبعض الأحداث البارزة في الماضي التي كان لها أثر في ما وصل إليه العالم بشكله الحاضر، وأبرز التوقعات حول الخمسين عامًا القادمة في المستقبل.
مؤلف كتاب قصة موجزة عن المستقبل
جاك آتالي: كاتب وباحث وروائي فرنسي، حصل على الدكتوراه في علم الاقتصاد، وعمل أستاذًا في إحدى الجامعات المرموقة، كما عمل مستشارًا لأحد رؤساء فرنسا لما يقرب من العشرين عامًا، وعمل رئيسًا لإحدى المؤسسات المالية الكبرى.
له عديد من المؤلفات في السياسة والاقتصاد والأدب والفن، ومنها:
كتاب كارل ماركس أو فكر العالم.
كتاب غدًا، من سيحكم العالم؟
رواية أخوية اليقظانين.
معلومات عن المترجم:
نجوى حسن: حصلت على ليسانس حقوق من جامعة القاهرة، ثم حصلت على دبلوم في العلوم السياسية من جامعة باريس الثانية، لها عديد من الترجمات عن اللغة الفرنسية، كما ترجمت عديدًا من الملفات السياسية حول موضوعات العولمة والمستقبل.