كرة القدم متنفس الطبقة العاملة
كرة القدم متنفس الطبقة العاملة
في منتصف القرن التاسع عشر مثّل العمال نحو سبعين بالمئة من الشعب البريطاني، ونتيجة جهود نقابيّة واتحاديّة شهدت ظروفهم الحياتية بعض التحسن، فتحددت ساعات العمل كحد أقصى وحصلوا على إجازة من ظهر السبت، ما منحهم الوقت للتجمع وممارسة كرة القدم في الأحياء، وخوف التمرد سعت إدارات المصانع إلى السيطرة على أوقات فراغ العمال، فدعمت تكوين فرق كرة القدم وتنظيم أنشطة رياضية عديدة، ومن تلك الأندية صاحبة الأصول الصناعية فِرق أرسنال ووست هام ومانشستر يونايتد.
كان أسلوب اللعب يتمثل في تمريرة طويلة من الدفاع إلى الأمام، يركض اللاعبون خلفها محاولين إحراز هدف، ثم تقدمت طريقة اللعب وأصبحت أكثر تركيبًا معتمدةً على اللعب الجماعي والتمريرات القصيرة، وزامن تطور أسلوب اللعب تطور النظم الرياضية، ونجحت التمردات النقابية العمالية في تحسين ظروف العمال اللاعبين قليلًا، وظلت كرة القدم العمالية راية تؤكّد التفوق البريطاني الصناعي، وانتقلت كرة القدم إلى المستعمرات والبلاد الأوربية مثل فرنسا.
حاولت فرنسا عسكرة كرة القدم العمالية، فالفريق كالجيش الصغير والمدرب هو القائد، أمّا المهاجمون فهم القناصون، كما حاولت السلطات العسكرية السيطرة على أوقات فراغ عمالها، مما أشعل النضال اليساري الذي هجم على تلك الصورة من كرة القدم ووصفها بأنها إلهاء لترك النضال الحقيقي، بجانب احتقاره لخلفية اللعبة الإنجليزية، ورفع شعار كرة القدم للشعب فقط، وبصعود الشيوعية والاشتراكية في أوربا، تكاتف العمال الفرنسيون ونظائرهم حول كرة القدم، واتخذوها أداة مقاومة للفاشية والنازية، لدرجة أنهم أنشؤوا كأس العالم للعمال ردًّا على استضافة إيطاليا الفاشية لكأس العالم.
الفكرة من كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم
يصف عشاق الساحرة المستديرة محبوبتهم بأنها أكثر من كرة قدم، ودائمًا ما يُستخف برأيهم وبمقدار الاهتمام الذي يولونه تجاه جلد مدور، طارحين السؤال التقليدي “ماذا قدمت كرة القدم إلى العالم؟”.
وللإجابة عن هذا السؤال سنجوب حكايات التاريخ المختلفة، من بريطانيا إلى إيطاليا وحتى مصر، لنرى كيف كانت كرة القدم تمنح الناس هامشًا للتنفس بحرية تحت حكم ديكتاتوريات عسكرية، ونعرف ماذا يمكن أن تفعل الجماهير العاجزة في المدرجات، وإلى أي حد كانت كرة القدم تسمح لهم بالحلم بحياة أفضل.
مؤلف كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم
ميكائيل كوريا: صحفي في أهم جريدة رقمية فرنسية مستقلة “ميديا بارت mediapart”، وله عديد من الإسهامات الصحفية مع جرائد أخرى مهمة مثل: “لوموند ديبلوماتيك” و”لوكانار أونشينيه”، بالإضافة إلى كونه أحد مؤسسي مجلة النقد الاجتماعي CQFD، ومن كتبه:
– جرائم المناخ: تحقيق حول الشركات متعددة الجنسية التي تحرق كوكبنا.
معلومات عن المترجم:
محمد عبد الفتاح السباعي: رئيس قسم الشؤون الخارجية بجريدة الأخبار اليومية، كما أنه يعمل مترجمًا فوريًّا في عديد من القنوات الرياضية المصرية، وقد عمل مراسلًا رياضيًّا في كأس الأمم الإفريقية عام 2008م، ومن كتبه المترجمة من الفرنسية إلى العربية:
لوثر ومحمد: بروتستانتية أوروبا الغربية في مواجهة الإسلام من القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر.
عنف وسياسة في الشرق الأوسط، من سايكس بيكو إلى الربيع العربي.