مسير العرب إلى مصر
مسير العرب إلى مصر
سار عمرو بن العاص وهو فى الخامسة والأربعين من عمره إلى مصر بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب، فى جيش قوامه أربعة آلاف مقاتل، وكانت الفرما أول موضع قوتل فيه، واستمرت الحرب شهرًا حتى استولى المسلمون عليها سنة 640م/19 هـ، وفتح باب الحصن “أسْمَيْفَع بن وَعْلَة السَّبَئي”.
جاء المدد من عمر بن الخطاب فى ثلاث كتائب بكل منها أربعة آلاف رجل، وكان الزبير بن العوام قائد إحداها، فأصبح جيش المسلمين عندئذ خمسة عشر ألفًا عسكروا فى هليوبوليس وعسكر الروم فى حصن بابليون، ولكن خرجت منهم فئة بقيادة “تيودور” متجهة إلى هليوبوليس، ففطن لهم عمرو بن العاص وخرج للمواجهة، وأعد كتيبتين فصلهما عن الجيش ليحاصر الروم، وتقاتلت الفئتان حتى إذا حمي القتال خرجت إحدى الكتيبتين بقيادة “خارجة بن حذافة” على مؤخرة جيش الروم، فتفرقت صفوفهم وهربوا إلى يسارهم، فخرجت الكتيبة الأخرى تترصدهم، حتى حلت الهزيمة بالروم ولاذت فلولهم بحصن بابليون، فاستولى المسلمون على مدينة “ممفيس” وهي إلى الجنوب من الحصن، وهليوبوليس إلى الشمال، وبذلك ملكوا ناصيتي شاطئ النهر أعلى الحصن وأسفلهفحاصروه، وكان ذلك سنة 640م واستمر الحصار شهرًا، فبعث قيرس إلى عمرو يفاوضه،
فرد عمرو بما علّمه رسول الله ﷺ: “إما الإسلام، وإما الجزية، وإما الحرب، حتى يحكم الله بين الفريقين”، فمالت نفس قِيرِس إلى الصلح لأنه رأى أن المسلمين منتصرون لا محالة، فأبى جنوده وباغتوا المسلمين بضربة انقلبت عليهم وقتلت منهم مقتلة عظيمة حتى تراجعوا إلى الحصن وأذعنوا لرأى قيرس.
وعُقد الصلح على أن يُبعث به إلى الإمبراطور، فغضب هرقل واستدعى قيرس واتهمه بالخيانة والكفر ونفاه، فاستؤنف القتال حتى مات هرقل فى أوائل مارس سنة 641م/20هـ بعد أن حكم الروم إحدى وثلاثين سنة، واستمر الحصار بعد موته شهرين حتى وضع الزبير وجماعة من أصحابه سلمًا على السور ودخلوا الحصن، ففزع الروم وعرضوا الصلح.
فُتح الحصن في أبريل سنة 641م بعد أن حوصر سبعة أشهر، وقد دخل المصريون فى الإسلام لأنهم وجدوه يساويهم بالمسلمين الفاتحين فى شرفهم، ويجعلهم إخوانهم ويسهم لهم في الفيء.
الفكرة من كتاب فتح العرب لمصر
كثيرًا ما تتضارب الأقوال عندما يتعلق الأمر بفتح بمصر، فالبعض يذكر أنها اغتصبت قهرًا من المسيحيين، والبعض يذكر أنها خُلّصت من بطش الروم، والبعض يلمِّح إلى اتفاقيات تمت سرًّا للإيقاع بمصر فى يد عدوها، سواء كان العدو من العرب أم الفرس أم من الروم أنفسهم.
يحاول ألفريد بتلر فى هذا الكتاب أن يجمع كل دليل يحصل عليه من كتابات القبط القدماء أو العرب أو ممن عاشوا فى تلك الحقبة الهامة، منذ صعود هرقل إلى حكم الروم مرورًا بسيطرة الفرس على الشام ومصر بعد انقلاب موازين القوى، ثم استعادتهما من جانب الدولة الرومانية، حتى دخول العرب وحلقات الصراع الطويلة التى انتهت بإخضاع الإسكندرية سنة 654م.
محاولًا تفنيد القول المزعوم بأن القبط رحبوا بالعرب كمناقشة أولى فى كتابه، ويتطرق أيضًا إلى تبرئة العرب من اتهامات لحقت بهم مثل حرق مكتبة الإسكندرية، لكنه يرميهم باتهامات أُخرى.
مؤلف كتاب فتح العرب لمصر
ألفريد بتلر : مؤرخ بريطاني، درس بأكسفورد وحصل على زمالة كلية براسينوز عام 1877م والدكتوراه عام 1902م. اهتم بالتاريخ المصري وكتب فيه مؤلفات عدة، منها:
الكنائس القبطية القديمة في مصر.
الحياة الملكية في البلاط الملكي.
معلومات عن المترجم:
محمد فريد أبو حديد: كاتب مصري راحل، تخرج عام 1914م في مدرسة المعلمين العليا، وكان من مؤسسي مجلة الثقافة حتى أصبح رئيسًا لتحريرها، واشترك في إنشاء لجنة التأليف والترجمة والنشر عام 1914م، ثم في إنشاء الجمعية المصرية للدراسات الاجتماعية عام 1937م، وله مؤلفات عدة، منها:
صلاح الدين وعصره.
أمتنا العربية.
أبو الفوارس عنترة بن شداد.