صعود هرقل إلى الحكم
صعود هرقل إلى الحكم
كانت دولة الروم دولة عظمى فى عهد جسْتِنْيَان، إذ بلغت رقعتها بلاد العرب شرقًا وبلاد المغرب غربًا، لكن ما لبث الاضمحلال أن نشب مخالبه في جسدها، فاجتاحها الوباء ثم الزلزال، وخوت خزائنها، وتزامن مع ذلك فساد الحكم، فانتقل التاج من رأس إلى آخر حتى انتهى إلى فوكاس السيئ الطباع.
صعد فوكاس إلى الحكم فثارت الثورات، وكانت بتدبير من هِرَقل ونِيقتاس، فسار نيقتاس ناحية مصر وكانت الخطة أن يدخلها فيقطع طريق القمح والصادرات التي كانت تُبعث منها إلى القسطنطينية، كما أن بها ميناء هامًّا هو ميناء الإسكندرية، وبالاستيلاء عليها يضع يده على أرض يجند فيها الجنود ويبعث بهم في سرايا بحرية لمهاجمة فوكاس فى القسطنطينية، ونجحت خطته ودخل الإسكندرية، حينها عمد فوكاس إلى قائده الدموي بِنُوسُوس، وكان حينها فى أنطاكية، ليتوجه إلى مدن مصر السفلى، فاكتسح كل ما يقابله حتى وصل إلى أسوار الإسكندرية، ولكن منعته أسوارها الحصينة من دخولها فهُزم جيشه وهرب هو إلى مدينة كِرْيُون، ثم جمع فلول جيشه وحاول مهاجمة نيقتاس حتى استقر به الأمر فى مدينة نِقْيُوس.
سار نيقتاس وأخضع كل المدن فى طريقه حتى وصل إلى نقيوس وشدد عليها الحصار، فهرب بنوسوس إلى القسطنطينية مع قائده فوكاس، وفى الوقت نفسه سار هرقل إلى القسطنطينية فدخلها وقتل بنوسوس، وقبض على فوكاس وحكم عليه بالقتل وتُوج هرقل إمبراطورًا عام 610م.
كان حكم هرقل يقوم على ابتزاز أموال الرعية لصالح الحكام، ولم يكن فى الحكام أحد من القبط أهل مصر أصحاب الأرض.
فى ذلك الوقت، كان الفرس يخططون لغزو الشام، فتم لهم الأمر ودخلوا بيت المقدس سنة 615م وقتلوا من كان فيها من المسيحيين قتلًا مروعًا، وقيل إن اليهود ساعدوا الفرس على دخول المدينة، وكانوا يشترون الأسرى المسيحيين ليتفننوا فى تعذيبهم.
فهرب المسيحيون إلى الجنوب حيث قرى العرب المسيحية، ولاذ الباقون بمصر لا سيما الإسكندرية، فكثرت الوفود فى مصر حتى ضربتها المجاعة، وبالرغم من ذلك، أُرسلت عير من مصر تحمل الذهب والثياب إلى كنائس فلسطين لافتداء الأسرى.
الفكرة من كتاب فتح العرب لمصر
كثيرًا ما تتضارب الأقوال عندما يتعلق الأمر بفتح بمصر، فالبعض يذكر أنها اغتصبت قهرًا من المسيحيين، والبعض يذكر أنها خُلّصت من بطش الروم، والبعض يلمِّح إلى اتفاقيات تمت سرًّا للإيقاع بمصر فى يد عدوها، سواء كان العدو من العرب أم الفرس أم من الروم أنفسهم.
يحاول ألفريد بتلر فى هذا الكتاب أن يجمع كل دليل يحصل عليه من كتابات القبط القدماء أو العرب أو ممن عاشوا فى تلك الحقبة الهامة، منذ صعود هرقل إلى حكم الروم مرورًا بسيطرة الفرس على الشام ومصر بعد انقلاب موازين القوى، ثم استعادتهما من جانب الدولة الرومانية، حتى دخول العرب وحلقات الصراع الطويلة التى انتهت بإخضاع الإسكندرية سنة 654م.
محاولًا تفنيد القول المزعوم بأن القبط رحبوا بالعرب كمناقشة أولى فى كتابه، ويتطرق أيضًا إلى تبرئة العرب من اتهامات لحقت بهم مثل حرق مكتبة الإسكندرية، لكنه يرميهم باتهامات أُخرى.
مؤلف كتاب فتح العرب لمصر
ألفريد بتلر : مؤرخ بريطاني، درس بأكسفورد وحصل على زمالة كلية براسينوز عام 1877م والدكتوراه عام 1902م. اهتم بالتاريخ المصري وكتب فيه مؤلفات عدة، منها:
الكنائس القبطية القديمة في مصر.
الحياة الملكية في البلاط الملكي.
معلومات عن المترجم:
محمد فريد أبو حديد: كاتب مصري راحل، تخرج عام 1914م في مدرسة المعلمين العليا، وكان من مؤسسي مجلة الثقافة حتى أصبح رئيسًا لتحريرها، واشترك في إنشاء لجنة التأليف والترجمة والنشر عام 1914م، ثم في إنشاء الجمعية المصرية للدراسات الاجتماعية عام 1937م، وله مؤلفات عدة، منها:
صلاح الدين وعصره.
أمتنا العربية.
أبو الفوارس عنترة بن شداد.