صدام دوليٌّ وحماسةٌ شعبية!
صدام دوليٌّ وحماسةٌ شعبية!
بعد كل هذه الأحداث والدعاية الإعلامية الضخمة، لا شك في تنامي الشعور الشعبي بأن الجمهورية العربية المتحدة هي منبع الثورات على الاستعمار، وقد عُرف عن عبد الناصر كثرة صدامه وسبِّه في خطاباته لخصومه السياسيين الخارجيين البريطانيين والفرنسيين ،ولم يسلم منه حتى العرب مثل رئيس لبنان نفسه آنذاك عام 1958م كميل شمعون، وكذلك في فترة الستينيات مع الملك حسين ملك الأردن عندما تخلَّص من وزارة القوميين بعد ظهور انتهاء الوحدة بين مصر وسوريا، وحتى ملك السعودية نفسه عندما ساند عودة النظام القديم في اليمن المعادي للانقلاب المدعوم من النظام المصري، ليصفه عبد الناصر بملك الجواري، وحتى شاه إيران عقب اعترافه بإسرائيل، وبالتالي لم تلجأ مصر متمثلة في عبد الناصر إلى الدبلوماسية وسياسة المكاسب، واختُزلت الدول إلى وطنية وعميلة وفقًا لطبيعة وتوجُّه القيادة.
وفي عام 1964م تدخل النظام المصري في الكونغو، فازداد الضغط الغربي الاقتصادي عليه، ليصل إلى التفكير في قطع معونة القمح الأمريكية عن مصر، وبدلًا من الحل السياسي أعلن عبد الناصر كما هو متوقَّع منه تحدِّيه لكل تلك الخطط في أحد خطاباته، وهتفت الصحف واعتبرته انتصارًا وخوفًا أمريكيًّا، وفي فبراير 1965م زار رئيس ألمانيا الشرقية مصر، فأعلنت ألمانيا الغربية احتجاجها على ذلك، وقطْعِها المعونة الاقتصادية، بالإضافة إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ليخرج عبد الناصر بخطاب آخر يحارب فيه ألمانيا الغربية متحديًا إيَّاها بلهجة العراك الشخصي المعتادة منه، ورغم وقْع تلك الأحداث شعبيًّا وإعلاميًّا، فقد كانت تضحية صريحة بالمصالح الدولية واحدة تلو الأخرى، وخسارة للموقف الدولي وأي مؤشر لنهضة اقتصادية احتاجتها الدّولة آنذاك.
الفكرة من كتاب الزحف المقدس
في أعقاب نكسة 5 يونيو 1967م وخسارة سيناء، سادت الصدمة المُفاجئة بين الجماهير المصرية التي غُيّبت بأكاذيب إعلامِ نظامِه، وكما كان مُتوقعًا لشعبٍ سيتعامل مع نظامِه الفاشل بعد الهزيمة، نراه يُفاجئ العالم بخروجه طالبًا عدم تنحي رأس ذلك النظام جمال عبد الناصر، يُحلِّل هذا الكتاب الذي بين أيدينا الوضع آنذاك، ليذكر الأمر من بداية وصول الضباط الأحرار إلى السلطة، باحثًا عن كل ما كان سببًا في مظاهرات يومي 9 و10 يونيو المُطالِبة بعدم تنحِّي رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر.
مؤلف كتاب الزحف المقدس
شريف يونس: كاتب سياسي مصري، وعضو مؤسس بهيئة تحرير البوصلة، تركَّزت أعماله على التاريخ والفكر السياسي والأيديولوجيا، وحصل كتابه “البحث عن الخلاص” على جائزة الأدب السياسي بمعرض الكتاب عام 2015م.
من أهم أعماله: سيد قطب والأصولية الإسلامية، نداء الشعب: تاريخ نقدي للأيديولوجيا الناصرية، والبحث عن الخلاص: أزمة الدولة والإسلام والحداثة في مصر، وسؤال الهوية: الهوية وسلطة المثقف في عصر ما بعد الحداثة.