عالم الفُصامي من الداخل
عالم الفُصامي من الداخل
تحدث عديد من التغيرات النفسية داخل نفس الشخص المصاب بالفُصام، فعلى الرغم من أن سلوكياته ومعتقداته لا تلقى القبول من الآخرين، ويُنظر إليها على أنها لا تحمل أي معنًى، فهناك عديد من الأشياء التي تحدث داخل نفس مريض الفُصام، فما الذي يميز عالم الفُصامي من الداخل؟
يختلفُ مريض الفُصام عن الشخص المصاب بأمراضٍ نفسيةٍ أخرى باعتقاده الجازم بصحة أفكاره الغريبة، على خلاف الشخص المصاب بمرضٍ نفسيٍّ آخر الذي غالبًا ما يدرك الخلل في تصرفاته مع اعترافه بعدم قدرته على السيطرة عليها، وتسيطر على عقل مريضِ الفُصام مجموعةٌ من الهلاوس والضلالات، كأن يرى أشياء غير موجودةٍ أو يسمع أصواتًا دون وجود من يتحدث إليه، وهذه الهلاوس عبارةٌ عن مجموعة من الأفكار الداخلية لمريض الفُصام تحولت إلى مدركاتٍ حسيةٍ ليس لها أي وجودٍ في العالم الخارجي، ولكن مع ذلك يراها مريض الفُصام ويتعامل معها كما لو كانت واقعًا حقيقيًّا.
تبدأ الأعراض الأولى للفُصام بالظهور في صورة انسحابٍ من العالم، ويعكس هذا الانسحاب موقف المريض تجاه هذا العالم نتيجة شعورِهِ الدائمِ بالخوف وعدم الأمان، ويسيطر على فكرِ مريض الفُصام بعض المعتقدات الزائفة كاعتقاد اضطهاد الآخرين له، وهو ما يجعل شكوكه تزداد تجاه الآخرين، ويصبح ميالًا إلى تأويل الوقائع والأشياء على نحوٍ غير معقولٍ أو متصور، وردود أفعال مريض الفُصام وسلوكياته لا تتسق عادة مع الموقف الذي يمر به.
والسمة المميزة لمريض الفُصام أنه على الرغم مما بداخله من تغيرات فإنه لا يدرك أن هذه التغيرات قد حدثت بداخلِهِ، وإنما يعتقد أن العالمَ الخارجي هو الذي تغير، وتتميز المدة الأولى من المرض بالشعور بالقلق البالغ المجهول المصدر، تتبعه سيطرةُ مجموعةٍ من المعتقدات الزائفة على عقل المريض، ويعقب هذه المرحلة مرحلة أخرى يعتقد فيها المريض أن كل الأحداث التي مر بها كانت مدبرةً له وأن هناك من يطارده، إذ يمثل معتقد وجود خطر يطارده في الخارج إحدى طرائق خلاصه من الألم الداخلي.
الفكرة من كتاب الفُصامي: كيف نفهمه ونساعده، دليل للأسرة وللأصدقاء
يمثلُ الفُصامُ أحد الأمراض النفسية الهامة بسبب تداخل أعراضه، وما ينشأ عنه من تغيرٍ عميقٍ في نمط تفكير الشخص المصاب ومشاعره وسلوكه، وهو ما يجعل مريض الفُصام شخصيةً تستعصي على فَهم الكثيرين، وعلى الرغم من أن الهدف الرئيس من الكتاب هو زيادة الوعي لدى الأشخاص بطبيعة مرض الفُصام، إذ تمثل زيادة الوعي بطبيعة المرض أحد أهم السبل لمساعدة الشخص المصاب من قِبَل المحيطين به، فهو أيضًا يُقدم إلينا فرصةً للتعمق داخل النفس البشرية، إذ تساعدنا دراسة المرض النفسي على معرفة خبايا النفس البشرية بمثل المساعدة التي تقدمها إلينا دراسة النفس البشرية السوية.
يقدم إلينا هذا الكتاب بشكل موجز المعلومات الرئيسة التي تتعلق بمرض الفُصام، كطبيعة المرض وأهم الأعراض التي يعانيها الشخص المصاب، كما يحتوي على أهم سبل مساعدة الشخص المصاب بالفُصام وسبل الوقاية من الإصابة بالمرض.
مؤلف كتاب الفُصامي: كيف نفهمه ونساعده، دليل للأسرة وللأصدقاء
سيلفانو أريتي: طبيب ومحلل نفسي مرموق، عمل أستاذًا للطب النفسي الإكلينيكي بكلية الطب بنيويورك، كما عمل رئيس تحرير لموسوعة الطب النفسي الأمريكية، له عديد من الدراسات التي تتعلق بمرض الفُصام كما حصل على عديد من الجوائز العلمية نتيجة لإسهاماته المتميزة في فهم المرض وطرائق علاجه.
من مؤلفاته الأخرى:
Creativity: The Magic Synthesis.
The Parnas: A Scene from the Holocaust.
معلومات عن المترجم:
د. عاطف أحمد: طبيب نفسي وكاتب ومترجم، ترجم عديدًا من الكتب الأخرى من أبرزها كتاب “المخ البشري: مدخل إلى دراسة السيكولوجيا والسلوك”، له عدة مؤلفات من أبرزها كتابه “نقد العقل الوضعي”.