لا شيء يضيع للأبد.. صفحات لا نهائية
لا شيء يضيع للأبد.. صفحات لا نهائية
ربما لا يعلم معظم القراء أن “كافكا” لم يترك إلا القليل من الأعمال المكتملة، وإنما اجتهد ورثته في تجميع أفكاره والوصول إلى أي صيغة مقبولة وقريبة لما كان يدور في عقله، ليس “كافكا” استثناءً في هذا، فكاتب آخر هو “هِربرت مِلفل”، عانت زوجته في فهم حبكة رواياته وتجميع فصولها، إما لسوء خط الرجل وإما بسبب تفسيراته المبهمة، ظلت هذه الأعمال خاضعة للتنقيح والتصحيح على مدار عقود متتالية، وقد تختلف كل نسخة عما قبلها في ترتيب الفصول، أو إضافة فصول أخرى يرى المحققون أنها مناسبة لسياق هذا النص، لكن بعد كل هذه التعديلات والتنقيحات، إذا نظرنا بالتحديد إلى روايتي “القضية” لكافكا، و”بيللي باد” لهيرمان ملفل، سنرى أن كلتيهما قد تشاركتا في القصة وكذلك في مسار أحداث الشخصيات الرئيسة، بل وتشابهت نهايتا الروايتين كذلك، لم يعرف كافكا أو ملفل أحدهما الآخر، وهذا يدعونا إلى التساؤل حول أصالة النصوص والأفكار، هل يمكننا إعادة تأليف نص أو كتاب غير مكتمل؟ هل كل ما نكتبه أو ننتجه بالضرورة غير مسبوق؟
سنستدعي “ألبرتو مانجويل” هنا مرة أخرى، يعتقد مانجويل أن اللغة والأفكار محدودة، ومن ثم لا بد للأفكار والكتب التي ضاعت أن تعود مرة أخرى، يأخذ “خورخي لويس بورخيس” طرف الخيط من مانجويل، ويصعد بالفكرة إلى مستوًى آخر، ففي اعتقاده أن كل كاتب ما هو إلا انعكاس وإعادة إنتاج لأسلافه، وهنا يأتي دور “أنطونيو تابوكي” الذي يضع هذه الفكرة محل التطبيق، فيستلهم كتابات أسلافه العظام، ويكتب ما يعتقد أنه ينتمي إلى تراثهم، يبدو أن أدب البشرية ما هو إلا نسخ وإعادة تقديم لأفكار الأسلاف ونصوصهم، لكنه تكرار يسعى إلى الكمال، فتصبح كل كتابة أو نص بمنزلة تحدٍّ للمؤلف “ليست هذه أجمل نُسخي يا هذا”.
الفكرة من كتاب خزانة الكتب الجميلة: كيف نقرأ ولماذا؟
عندما يتعلق الأمر بالكتب، فلا مكان للصدفة والاختيار العشوائي، ماذا عن كل تلك الكتب التي شعرت بعد قراءتها أن هذا كان أوانها المناسب، من يختار الآخر؟ ذلك الكتاب أو تلك الرواية التي اقتحمتها وأنت على حافَة اليأس، ثم وجدت كل كلمة تواسيك، وكل سطر يخفف عنك، وكل صفحة تشد من أزرك، لقد انتظرك هذا الكتاب على الرف كل هذا الوقت، حتى يأتي موعد اللقاء المناسب.
يحدثنا الزناتي في هذا الكتاب عن مغامراته ولحظاته الأثيرة مع الكتب والمؤلفين، إذ ينتقل عبر الفصول من مؤلف إلى آخر، مُترجمًا له في البداية ثم ناقدًا لأبرز أعماله، وعارضًا لأكثر أفكاره ومواقفه جدلًا، هذه تجربة قارئ مُتفانٍ، علمته القراءة كيف يكتب.
مؤلف كتاب خزانة الكتب الجميلة: كيف نقرأ ولماذا؟
أحمد الزناتي: كاتب ومترجم مصري، تخرج في قسم اللغة الألمانية بكلية الألسن جامعة عين شمس عام 2000م، حصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، كما حصل على عديد من الجوائز، منها جائزة الشارقة للإبداع العربي عن روايته “البساط الفيروزي.. في ذكر ما جرى ليونس السمان”، من أعماله:
رواية ماضي.
رواية لعبة الخيول الخشبية.