الأسطورة كإرث.. الفضول أيضًا سبيل آخر
الأسطورة كإرث.. الفضول أيضًا سبيل آخر
لا يمل الأدب ولا تنفد القصص والاستعارات التي تدور حول هذا السؤال: لماذا كل هذه الحيرة والقلق اللذين يعيش فيهما الإنسان الحديث؟ هذه المرة يخبرنا “جوزيف كامبل” أن إنسان هذا العصر -وقد سرقته التكنولوجيا من سياج الطبيعة- لم يعد يعبأ بتزكية روحه أو تربيتها، حتى إذا امتلأت يداه من الدنيا، ونظر إلى نفسه لم يجد إلا الخواء، إن تلك المجتمعات التي تناست أساطيرها المتراكمة، وتراث الحكمة القديمة المتوارث من الجدود، تُعوض تلك الحكايات بأفعال أخرى أكثر عنفًا وهمجية، لقد جمعتها الأسطورة، ووهبت لها بصيرة الأجداد وتجارب الماضي، فأسست وعيًا جماعيًّا يشترك في حكايات واحدة ويلجمه خيال مشترك، ثم تقطعت الأوصال، ففقدت هذه الحضارة طوقها حين أهملت حكاياتها.
يضيف “ألبرتو مانغويل” إجابة أخرى؛ الفضول هو الذي يبقي على جمر الحياة مشتعلًا، ولن يذْكي هذا الجمر إلا المواصلة في طرح الأسئلة، ولكن كيف يتجاور هذا الفضول مع نفس الإنسان المغرور بذاته، هذا الفضول الجامح، المخدوع بنفسه والموهوم بعقل الإنسان القاصر، لا يطمح الى أي إجابات، بل ليست له غاية سوى التحدي ومناطحة الأقدار، لكن ليس هذا النوع هو الذي يقصده مانْجويل، إنه يحدثنا عن العطش إلى المعرفة، إن الفضول في النهاية هو فن طرح الأسئلة الجيدة، لا يتركنا مانْجويل طويلًا في هذه المتاهة، إذ يدعي أن في وسع الأدب احتواء جميع الإجابات، ليست تلك الإجابات الأخيرة التي تُنهي جميع الأسئلة، فتترك عالمًا لا يسع فضول البشر، بل إجابات تحمل في طياتها أسئلة جديدة، وتستمر في شحذ أذهان البشر، مدفوعين بحسهم الفضولي وعطشهم نحو المعرفة، إلى نهر الأسئلة الذي لا ينتهي.
الفكرة من كتاب خزانة الكتب الجميلة: كيف نقرأ ولماذا؟
عندما يتعلق الأمر بالكتب، فلا مكان للصدفة والاختيار العشوائي، ماذا عن كل تلك الكتب التي شعرت بعد قراءتها أن هذا كان أوانها المناسب، من يختار الآخر؟ ذلك الكتاب أو تلك الرواية التي اقتحمتها وأنت على حافَة اليأس، ثم وجدت كل كلمة تواسيك، وكل سطر يخفف عنك، وكل صفحة تشد من أزرك، لقد انتظرك هذا الكتاب على الرف كل هذا الوقت، حتى يأتي موعد اللقاء المناسب.
يحدثنا الزناتي في هذا الكتاب عن مغامراته ولحظاته الأثيرة مع الكتب والمؤلفين، إذ ينتقل عبر الفصول من مؤلف إلى آخر، مُترجمًا له في البداية ثم ناقدًا لأبرز أعماله، وعارضًا لأكثر أفكاره ومواقفه جدلًا، هذه تجربة قارئ مُتفانٍ، علمته القراءة كيف يكتب.
مؤلف كتاب خزانة الكتب الجميلة: كيف نقرأ ولماذا؟
أحمد الزناتي: كاتب ومترجم مصري، تخرج في قسم اللغة الألمانية بكلية الألسن جامعة عين شمس عام 2000م، حصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، كما حصل على عديد من الجوائز، منها جائزة الشارقة للإبداع العربي عن روايته “البساط الفيروزي.. في ذكر ما جرى ليونس السمان”، من أعماله:
رواية ماضي.
رواية لعبة الخيول الخشبية.