المجال السياسي أم ثكناتهم أولى بهم؟
المجال السياسي أم ثكناتهم أولى بهم؟
لم تكن خبرة الضباط الذين لا يعرفون سوى ثكناتهم تؤهِّلهم لإصلاح الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، ففي فترة الخمسينيات اتجهت سياساتهم إلى حل المشكلة الاقتصادية بتنمية صناعية وزيادة الاستثمارات في الصناعة، ولكن لم تكن النتيجة جيدة، إذ تدهور معدل النمو الصناعي، ولم يختلف نمو الدخل القومي كثيرًا عن مرحلة ما قبل الانقلاب، واستمر تدهور مستوى معيشة الطبقات المتدنية، وازداد الفارق الطبقي.
حاولت الدولة إنقاذ الوضع المتفاقم بتوسيع القطاع العام وتأميم المصالح الأجنبية، وتنفيذ الخطة الخمسية بتأميم رأس المال البنكي وكان ذلك في أوائل فترة الستينيات التي لم تكن أفضل اقتصاديًّا رغم الدعاية الهائلة التي تبنَّاها النظام، وقد رأى الكاتب أن الخطة الخمسية نفسها كانت ارتجالية غير منظمة، حيث هدفت إلى مضاعفة الدخل القومي في عشر سنوات ولكن دون خطة واضحة، ولم تؤدِّ كل تلك الجهود إلَّا إلى كارثة اقتصادية، برغم تمتُّع النظام بعائد قناة السويس والمعونة الأمريكية والقروض العديدة.
حاول النظام مضطرًا التحول إلى السياسات التقشُّفية كرفع الأسعار وتقليص الإنفاق العام، وكان ذلك في فترة تعيين زكريا محيي الدين رئيسًا للوزراء، وتم تطبيق بعض التحولات الاجتماعية الجذرية، وأهمها القضاء على طبقة كبار ملاك الأراضي الزراعية وكبار رجال الصناعة، ودعم الملكية الزراعية الصغيرة بزيادة عدد ملاك قطع الأرض، والاهتمام الواضح بالفلاحين من حيث التعليم والرعاية الصحية، ما أعطى فرصة للترقِّي الطبقي لأبنائهم، مما أشاع حسًّا بالمساواة والترقي الاجتماعي بين الفئات الوسطى، ولكن ظلت الفئات الدنيا على عجزها، وكذلك استمرار قوة القطاع الخاص الذي وصل نصيبه من الدخل القومي إلى 65% بين عامي 1962م و1963م، وتطبيق مجانية التعليم لتشمل التعليم الجامعي، وكان هذا فرصة كبيرة لأبناء الفئات الوسطى للعمل في أجهزة الدولة، ولكن لم يطرأ تحسن ملموس على نسبة الأمية، بالإضافة إلى تدني مستوى التعليم نفسه، كما عانت البلاد عجزًا في العمالة الماهرة.
الفكرة من كتاب الزحف المقدس
في أعقاب نكسة 5 يونيو 1967م وخسارة سيناء، سادت الصدمة المُفاجئة بين الجماهير المصرية التي غُيّبت بأكاذيب إعلامِ نظامِه، وكما كان مُتوقعًا لشعبٍ سيتعامل مع نظامِه الفاشل بعد الهزيمة، نراه يُفاجئ العالم بخروجه طالبًا عدم تنحي رأس ذلك النظام جمال عبد الناصر، يُحلِّل هذا الكتاب الذي بين أيدينا الوضع آنذاك، ليذكر الأمر من بداية وصول الضباط الأحرار إلى السلطة، باحثًا عن كل ما كان سببًا في مظاهرات يومي 9 و10 يونيو المُطالِبة بعدم تنحِّي رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر.
مؤلف كتاب الزحف المقدس
شريف يونس: كاتب سياسي مصري، وعضو مؤسس بهيئة تحرير البوصلة، تركَّزت أعماله على التاريخ والفكر السياسي والأيديولوجيا، وحصل كتابه “البحث عن الخلاص” على جائزة الأدب السياسي بمعرض الكتاب عام 2015م.
من أهم أعماله: سيد قطب والأصولية الإسلامية، نداء الشعب: تاريخ نقدي للأيديولوجيا الناصرية، والبحث عن الخلاص: أزمة الدولة والإسلام والحداثة في مصر، وسؤال الهوية: الهوية وسلطة المثقف في عصر ما بعد الحداثة.