شُبهات حَول عُمَر
شُبهات حَول عُمَر
حينما تزوج الصحابي حُذَيْفَةُ بْنُ اليَمَانِ -رضي الله عنه- يهودية في عهد خِلافة سيدنا عُمَر، قال له: “طَلِّقْهَا، فَإِنَّهَا جَمْرَةٌ!”، فسأله حُذيفة: “أَحَرَامٌ؟”، قال: “لَا”، فرفض أن يُطلِّقها، ثم فعل بعد حين.
فقال النّاس: لقد خالف بن الخطاب نصوص القرآن وحرّم ما أحل الله، إذ إن الله -عز وجل- يقول في كتابه الحكيم: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾، ولكن ما حدث في واقع الأمر أن سيدنا عُمر لم يُحرّم هذا، وعندما سأله حُذَيْفَةُ عن حرمانية ما فعل، نفى سيدنا عمر حرمانيته، فهوّ منع لِعلّة ولم يُحرِّم، وكانت علّته أنه خشي إذا أكثر كِبار الصحابة من الزواج بالكتابيات أن يُقلِّدهم بقية المُسلمين، فتبقى نساء المُسلمين الصالِحات دون أزواج، وإذا نظرنا إلى الآية الكريمة، لوجدنا أنها لم توجِب زواج المُسلم من الكتابية حتى نقول إن سيدنا عُمَر منع العمل بحُكمٍ واجِب.
وفي شُبهةٍ أُخرى يقولون إن سيدنا عُمر بن الخطاب قال إنه وأد ابنة له قبل أن يُسلِم، وهذا كذب وافتراء، وعلى الرغم من أنه إن كان فعل، فقد كان ذلك في الجاهلية، والإسلام يجبّ ما قبله، فهو لم يفعل حتى في الجاهلية، فإن أول امرأة تزوجها هي “زَيْنَبُ بِنْتُ مَظْعُونٍ” وأنجب منها “حَفْصَةَ” و”عَبْدَ اللهِ”، وكان ذلك قبل بعثة النبي بخمس سنين، وعلى الرغم من ذلك لم يَئِدْهَا، فإن قومه “بني عَدِيّ” لم يتبنوا مبدأ الوأد، ومن أدلة هذا أيضًا أن أخته فاطمة بقيت حيّة، وقد جاءت سيرتها في قصّة هداية سيدنا عُمَر وإسلامه.
الفكرة من كتاب عندما التقيت عمر بن الخطاب
“لَو كَانَ مِن بَعدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ”.. كيف لنا ألا نُصدِّق هذه العبارة في عُمر وقد قالها من لا ينطِقُ عن الهوى؟ قالها فيه رسول الله (ﷺ)، وكان من قبلها قد دعا: “اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ، بِأَبِي جَهْلٍ أَو بِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ” فكان أحبُّهما إلى اللهِ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، وإذا بدعوةِ النبي (ﷺ) تنقلهُ من دارِ النَّدوة إلى دارِ الأَرْقَمِ!
لتبقى لنا سيرته خالِدة حتى اليوم دليلًا واقعيًّا يؤكِّد لنا ما قد يفعل الإيمان إذا نزل بقلبِ رَجُلٍ فَتَمَكَّن مِنهُ، فمن ذا الذي كان يُصدِّق أن الرجُل الذي يَصنَع من التمرِ صنمًا ليعبُده، هو نفسه الذي سيكون إسلامه فتحًا، وهجرته نصرًا، وخِلافتهُ رحمة؟ إننا هُنا بصددِ الحديثِ عن عُمَر، عُمَر هازِم كِسْرَى وقَيْصَر، ولكِنّه من قبل ذلك عُمَر صاحِب رسول الله (ﷺ)، وكفى بهذا شرفًا.
مؤلف كتاب عندما التقيت عمر بن الخطاب
أدهم شرقاوي: كاتِبٌ فلسطيني الأصل، وُلِد ونشأ في مدينة “صور” في لبنان، حصل على دبلوم التربية الرياضية ودبلوم المُعلمين من الأونيسكو، وحصل على ماجستير في الأدب العربي من الجامعة اللبنانية في بيروت، أُصدِر أول كتاب له عام 2012م، ثم تلاه عديد من المؤلفات، ومنها
للرجال فقط! مبادئ للتعامل مع النساء.
أنتِ أيضًا صحابية.
رسائل من القرآن.