الآثار المترتبة على الحرمان من الأم على المدى القصير
الآثار المترتبة على الحرمان من الأم على المدى القصير
إن الحرمان من الأم على المدى القصير تترتب عليه مجموعة من الاستجابات المباشرة المؤقتة التي تظهر على السلوك الذي يُبديه الأطفال خلال الشهور التالية للحرمان، فيظهر عليهم سلوك يشير إلى المعاناة النفسية نتيجة للاحتياج، ثم يلي ذلك شعور بالبؤس والتبلُّد، ثم في النهاية الرضا بالحرمان، ما يعنى فقدان إحدى خصائص الأمومة وهي “زوال التعلُّق”، إلى جانب تأخُّر النمو الجسمي والمعرفي، والسلوك المعادي للمجتمع.
وبدراسة تلك الاستجابات على الأطفال في بيئة مختلفة عن التي نشؤوا فيها، كأن يتم إيداعهم المستشفيات ودور الحضانة الداخلية، تبيَّن أن الأطفال الذين يتراوح سنهم من 6 شهور إلى 4 سنوات تظهر عليهم المعاناة النفسية في أعلى مستوياتها، كما تبيَّن أن الأطفال الذين يقل سنهم عن 6 شهور لا يبدون تجاوبًا اجتماعيًّا، ويترتب على ذلك وجود خلل في نموهم الحركى واللغوي والاجتماعي، وفي دراسة أخرى أجريت على 10 أطفال في إحدى دور الرعاية الداخلية، تبين أن هناك علاقة طردية بين طول مدة الانفصال عن الأم ودرجة المعاناة النفسية التي يشعر بها الأطفال، وفي سياق متصل عند قياس حدّة اضطراب الأطفال عند انفصال الأم عنهم في نفس البيئة المألوفة التي نشؤوا فيها وُجِدَ أنهم يعانون أيضًا محنة نفسية، لكن لوحظ أن تلك المحنة تقل حدتها في حال وُجِدَ مع الطفل خلال فترة الانفصال أشخاص مألوفون له، ومن ثمَّ تبيَّن أن وجود أشخاص يألفهم الطفل يخفف من وقع انفصاله عن الأم.
وبناءً على ذلك، فإن أحد العوامل الأساسية في المحنة النفسية للطفل هو غياب دور الرعاية الأمومية لممثل الأم سواء كان الممثل للدور هو الأم أم غيرها، ويؤكد ذلك أنه في حال وجود شخص آخر كالأب أو الأخ أو الأخت أو أحد الأقارب بجوار الطفل يقدم الرعاية الأمومية إليه، تقل حدَّة المعاناة النفسية، ومن ثم فإن اشتداد حدّة معاناة الأطفال النفسية في المستشفيات ودور الحضانة الداخلية ليس راجعًا إلى الانفصال عن الأم فقط، بل إلى الانفصال عن جميع الأشخاص الذين يألفهم الطفل، وجو الأسرة بشكل عام، الذي يجعل شخص الأم مؤثرًا في نفسية الطفل حال غيابها أو انفصالها عنه أكثر من أي شخص آخر، إنها أكثر شخص يرعى الطفل، ومن ثمَّ فهي أكثر شخص يألفه، ويُهيئ له الراحة والطمأنينة والأمان، ويقدم إليه الاهتمام والحب، لذا فإن وجودها يعد أكثر أهمية من أي شخصٍ آخر، لذا فهذا الاتصال الوثيق بين الأم والطفل هو ما يجعلها أكثر الأشخاص تأثيرًا في حياته النفسية.
الفكرة من كتاب الحرمان من الأم
يتحدث المؤلف في هذا الكتاب عن خصائص الرعاية اللازمة التي يجب أن تقدمها الأم إلى أطفالها من أجل أن ينموا نموًّا صحيًّا طبيعيًّا، كما يُبين على صعيد آخر آثار حرمان الأطفال من الأم على المدى القصير والبعيد، الظاهر منها والخفي، وما يترتب على ذلك من أضرار تصيب نمو الأطفال على جميع المستويات النفسية والاجتماعية والمعرفية والجسمية، ويوضح أن دور الأم في حياة الطفل في ما يتعلق بصحته النفسية لا يقل أهمية عن دور الفيتامينات والبروتينات والمعادن بالنسبة إلى صحته الجسدية.
مؤلف كتاب الحرمان من الأم
مايكل رتر: هو طبيب نفسي، ومن أبرز أساتذة الطب النفسي للأطفال في العالم، تخرج في كلية الطب بجامعة برمنجهام، ويُعد من الباحثين المتخصصين وذوي الخبرة العالية في مجاله، ويوصف بأنه “أب علم نفس الطفل”، أصبح عضوًا بمركز الدراسات العليا المتخصصة للعلوم السلوكية بجامعة ستانفورد بكاليفورنيا، وعمل استشاريًّا وطبيبًا نفسيًّا في مستشفى مودسلي منذ عام 1966 حتى تقاعده عام 2021، حصل على جائزة جوزيف زوبين عام 2003، وله نحو 400 ورقة بحثية، و40 كاتبًا، من كتبه:
The Qualities Of Mathering.
Developmental Psychiatry.
Genes and Behavior.
Developing Minds.
Antisocial Behavior By Young People.
مقدمة في علم النفس.
الإرشاد النفسي.. منظور إنمائي.
نظريات الشخصية.
علم النفس الاجتماعي.. أنت وأنا والآخرون.
ترجماتها:
أسس التعليم في الطفولة المبكرة.