موتوا قبل أن تموتوا.. الأدب نار مستعرة
موتوا قبل أن تموتوا.. الأدب نار مستعرة
في هذا العصر المُسمى بالحديث، ظهرت نِقمة جماعية من الإنسان على الحياة؛ نتيجة للحروب المستمرة والصدامات الكبرى بين الإمبراطوريات العالمية، والقرارات الفوقية التي أصبحت تتحكم في حياة البشر، شعر الإنسان الحديث بالإذلال والتفاهة أمام كل هذه الكيانات الضخمة التي تردد على مسامعه ليل نهار مُصطلحات كبرى لا يفهمها، وتطالبه بهويات لا يشعر بالانتماء إليها، فما كان منه إلا أن تحول إلى الإنسان في داخله، فقهره وأذله وحَقره، لقد صار يؤمن أنه لن يرتقي إلا إذا أنكر هذه الذات كما قال له الفلاسفة الجدد؛ ليبلغ درجة الكمال عليه أن يُنكر إنسانيته بل أن يُعاديها، تبعت هذا التيار حركة أدبية مُتشائمة تدعو الناس إلى الفرار من الحياة متى قابلتهم، والنقمة على من أتى بهم إليها، فأضحى ذلك الإنسان الرمادي يلتفت حوله إلى النبات والجماد يحسده على حاله، أدرك الفيلسوف جلال الدين الرومي هذا الزمن، فأخذ يُضمد بأشعاره النفوس المكلومة، ويُهدئ المُلتاعين، ويخلع عن الإنسان ثوب العدم الجاهلي ويكسوه لباس التقوى، إنه يتعجب من الإنسان الذي يبغي بيع نفسٍ لا يملكها.
تكررت صفات شخصية الرومي وتأثيره الجارف مرة أخرى في الشاعر محمد إقبال؛ رأى إقبال أن الشعر الذي لا يفيض بالعاطفة على المجتمع ويمده بمشاعر الحياة محكومٌ عليه بالنسيان، واستمد إقبال هذه العاطفة الجياشة من يقينه وعقيدته في الإسلام بأنه الرسالة الوحيدة الصالحة لقيادة البشرية وانتشالها من براثن الجاهلية الحديثة، وكان مُستمَد عاطفته ومركزها حبه المتدفق لرسول الله ﷺ، فجاء شعره فيضًا من تلك العاطفة وتعبيرًا عنها، على أن تأثيره في أمته الهندية لم يقل عن أثر شعره، ودليل ذلك الكتب والدراسات التي أُلفت على إثره، فلم يحظ بهذا الاهتمام أي شاعر كبير في جميع اللغات الحية.
الفكرة من كتاب نظرات في الأدب
عرفت الأمة الإسلامية أبا الحسن الندوي داعيةً ومفكرًا إسلاميًّا، وبلغت شهرته الآفاق مع صدور كتابه “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟”، ربما التفت البعض إلى بلاغته وحسه الأدبي في مؤلفاته، لكن ظل هذا الجانب من شخصيته مجهولًا وراء لثام الداعية والمفكر، وهو في هذا الكتاب يكشف عن هذا الجانب، فنراه يدمج ذوقه الأدبي مع أدوات المفكر ومنهجيته النظرية في مراجعة تاريخ الأدب العربي في عصور توهجه وانحطاطه، ثم يؤسس لنظرية أدبية جديدة، يضع فيها نماذج الأدب ومراجعه المُتبعة في الميزان، ليلفت أمته وينبهها لأدب آخر مجهول أهمله الدارسون، فقط لأن أصحابه لم يقولوا عنه أدبًا.
مؤلف كتاب نظرات في الأدب
أبو الحسن الندوي: مفكر إسلامي وداعية هندي، ولد بقرية تكية عام 1914م وينتهي نسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب، درس القرآن والحديث والتفسير في ندوة العلماء بكلية دار العلوم، ثم بدأ عمله بها مدرسًا للتفسير والأدب العربي، أسس العديد من الحركات والمؤسسات الدينية، مثل حركة “رسالة الإنسانية” و”المجمع الإسلامي العلمي”، حصل على جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام. من أهم أعماله:
ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟
مختارات من أدب العرب.
رجال الفكر والدعوة في الإسلام.
قصص النبيين للأطفال.