حياة الطفل الاجتماعية
حياة الطفل الاجتماعية
أتعرف أن أكبر مؤثر في نماء أطفالنا وتطورهم هو أصدقاؤهم؟ إن حياة الطفل الاجتماعية تبدأ منذ ولادته، فيبكي للتعبير عن استيائه من حفاضته المبللة، ويحاول التواصل مع من حوله بتقليد ابتساماتهم وحركاتهم، لكنه ما يلبث حتى يختلط بأقرانه في المدرسة وتبدأ مهاراته في النمو، فمعهم يكتشف نقاط قوته وكيفية تعامله، فتتشكل معهم سلوكياته وتجاربه، ويتعلم المشاركة والتعاون من خلال اللعب معهم، صحيح أن اللعب قد يؤدي إلى كثير من المشاجرات والمشاغبات، وهنا يكون دور الطفل في التعامل معها ومجابهتها، فيتعلم كيفية حل المشكلات والتصدي للصعوبات وتصنيف المشاعر وحدود الشخصية، كما أن لكل لعبة دورها في نماء مهاراته، فالألعاب اللوحية مثلًا تعلمه التخطيط والمنطق، ويتعلم من اللعب بالرمل تشييد القلاع مما يعزز مهارات البناء، ومباريات كرة القدم تعزز روح الفريق، وأهم شيء، تعلُّمه مهارات التواصل التي تعزز ثقته بنفسه، ومن خلالها يستطيع النجاح في سائر مهاراته مستقبلًا.
ولتعزيز ثقة الطفل بنفسه، يجب على الآباء التراجع وإفساح المجال للطفل ليطور مهاراته في الدفاع عن نفسه، والتعبير عن رأيه بحرية، وحل أزماته، لذا لا يعد اللعب والجلوس مع الأصدقاء مضيعةً للوقت، بل هي أمور أساسية لنمو الأطفال، كما أظهرت الدراسات أن منح الفرص للعب والمشاركة لا يحسن من التطور الاجتماعي للطفل فحسب، بل ومن التطور الدراسي والرغبة في التعلم، فلا يقاس النجاح بالدرجات التي يحصل عليها الطفل فحسب، إذ تعد الدرجات من المكاسب العرضية التي تقوض التحفيز والتعليم على المدى الطويل.
نحن لا ننكر أهمية الدرجات في الالتحاق بكلية دون أخرى، كما أنها قد تدل على مهارات الوظائف التنفيذية، أي إدارة الوقت، والموارد والانتباه من أجل تحقيق هدف ما، والقدرة على اتباع التوجيهات، والانضباط الذاتي، لكن هل تشير الدرجات إلى ما يمكن للطفل القيام به بالفعل؟ إن الحصول على درجة مرتفعة يعني مسايرة النظام التعليمي، ولا توضح تلك الدرجة مدى إتقان المادة من عدمه، لذا يجب علينا وضع كل شيء في موضعه، والتركيز أكثر على المعرفة لا الدرجة.
الفكرة من كتاب نعمة الفشل، كيف يتعلم أفضل الآباء التجاهل حتى يتسنى لأطفالهم النجاح
هل تشعر بتماهي الحدود بينك وبين طفلك، فتارةً تعامله كصديق وتارةً أخرى تعامله كآمر له بشيء أو ناهيه عن آخر؟! نشعر أحيانًا بأن دورنا يكون متداخلًا ولا نستطيع الوقوف على حدوده، فما وظيفة الوالدين تجاه أبنائهم؟ نحن نعيش في مجتمع يكثر فيه الحديث عن الكوارث والأوبئة والأمراض النفسية والجسدية، ويحاول الأهل بكل طاقتهم توفير الحماية لأبنائهم بما يسمح لهم بممارسة حياة صحية سعيدة، هذا ما يرغب فيه كل والد، لكن أهذا ما يحدث بالفعل؟ أدركت الكاتبة أن السُّبُل المتبعة من الحماية والسيطرة للوصول إلى سعادة الطفل لا تجعله سعيدًا بالفعل، بل تجعله أكثر انحدارًا وتذبذبًا واضطرابًا تجاه الحياة والناس.
يبدو من عنوان الكتاب أننا سنمدح الفشل، ولِمَ لا؟! فالفشل هو الخطوة الأولى للنجاح، ولو لم ندرك أننا فاشلون في شيء ما، لما شعرنا بالرغبة في تعلمه، لذا علينا تقبل الفشل والانسحاب خطوات إلى الوراء، تاركين الساحة لأبنائنا ليخوضوا تجاربهم دون قيود أو مخاوف، لكن أولًا: متى ظهر اختصاصيو التربية
مؤلف كتاب نعمة الفشل، كيف يتعلم أفضل الآباء التجاهل حتى يتسنى لأطفالهم النجاح
جيسيكا لاهي : معلمة ومحاضرة وكاتبة، تدرس اللغة الإنجليزية واللاتينية وفنون الكتابة، كما كتبت في كل من مجلة ذي أتلانتك، وصحيفة نيويورك تايمز، وكان لها عمود نصائح نصف شهري بعنوان “اجتماع الآباء والمعلمين”، كما عملت معلقة في محطة فيرمونت بابلبك الإذاعية، وحصلت على الدكتوراه في علم القانون من جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، وقد ركزت على القوانين الخاصة بالأحداث والتعليم، ولها مؤلف آخر اسمه:
The Addiction Inoculation: Raising Healthy Kids in a Culture of Dependence.