هدف التربية
هدف التربية
إن هدف التربية هو خلق أطفال يستطيعون مجابهة العالم بتحدياته وصعوباته، فنمهد لهم كيفية النظر إليه والتعامل مع قوانينه، ولا يمكن للأطفال ذلك إذا ظلوا عالقين في جلابيب الأهل، معتمدين في كل خطوة من خطواتهم على أن هناك من سيأتي لينتشلهم من مشكلاتهم ويضعهم على خطوات النجاح دون أن يتعلموا الاعتماد على أنفسهم والاستقلال عن أهلهم، ومن ثم يكونون منفتحين شغوفين برؤية العالم بزواياه الأكثر حدة، فعلينا أن نترك الأطفال ليجربوا ونكون نحن الموجهين.
وإذا تأملنا مفهوم الاستقلالية فسنجده يعني بالإنجليزية Autonomy، وهي مشتقة من اليونانية، إذ إن الشق الأول من الكلمة هو Auto ويعني “الذات”، أما الشق الثاني nomos فيعني العرف أو القانون، لذا لن يستطيع الطفل الاستقلال والاعتماد على نفسه إذا لم يفهم حدوده، فرسم الحدود أهم عنصر ليحدد الطفل دوره في الحياة وماذا عليه أن يفعل. تعمل الإرشادات والقوانين على إعطاء تعاليم واضحة تدفع معها الطفل إلى الشعور بالأمان والرعاية.
ولكن كيف يمكن أن نفرق بين وضع نظام للتوجيه، وأسلوب السيطرة غير المرغوب فيه؟ إن كثيرًا من الآباء يبادرون بإرسال النصائح والإرشادات في كل خطوة يخطوها الطفل بغية توجيهه وتعليمه، فينقص غرضه بفعله ذاك، لأن إرسال النصائح في كل أمر يجعل الطفل ينفر منها ويتجاهلها، وينظر إليها باعتبارها نوعًا من أنواع التسلط عليه والتحكم فيه، ولأننا لا نريد ذلك، فعلينا إذًا بالرجوع إلى الوراء واضعين الحدود العامة التي تكون واضحةً للطفل، تاركين كيفية تنفيذها والوقت الذي ستنفذ فيه لاختياره، فيتعلم أنه مسؤول عن أفعاله ويتحمل عواقبها، فمثلًا إذا اختار الطفل تنفيذ واجباته المدرسية بعد اللعب، فيجب أن نحترم اختياره ذاك ولا نتدخل فيه، فإن أنجزها كان بها، وإن لم يفعل فعليه تحمل عواقب فعله، فلا نسرع نحن بوضع خططٍ بديلة لنعوضه عن هذا الفشل، بل نتقبله ونجعله يواجهه، ومن ثم نتحاور معه بغية خلق خططٍ تناسب وقته وقدرته بعد أن يدرك خطأه.
الفكرة من كتاب نعمة الفشل، كيف يتعلم أفضل الآباء التجاهل حتى يتسنى لأطفالهم النجاح
هل تشعر بتماهي الحدود بينك وبين طفلك، فتارةً تعامله كصديق وتارةً أخرى تعامله كآمر له بشيء أو ناهيه عن آخر؟! نشعر أحيانًا بأن دورنا يكون متداخلًا ولا نستطيع الوقوف على حدوده، فما وظيفة الوالدين تجاه أبنائهم؟ نحن نعيش في مجتمع يكثر فيه الحديث عن الكوارث والأوبئة والأمراض النفسية والجسدية، ويحاول الأهل بكل طاقتهم توفير الحماية لأبنائهم بما يسمح لهم بممارسة حياة صحية سعيدة، هذا ما يرغب فيه كل والد، لكن أهذا ما يحدث بالفعل؟ أدركت الكاتبة أن السُّبُل المتبعة من الحماية والسيطرة للوصول إلى سعادة الطفل لا تجعله سعيدًا بالفعل، بل تجعله أكثر انحدارًا وتذبذبًا واضطرابًا تجاه الحياة والناس.
يبدو من عنوان الكتاب أننا سنمدح الفشل، ولِمَ لا؟! فالفشل هو الخطوة الأولى للنجاح، ولو لم ندرك أننا فاشلون في شيء ما، لما شعرنا بالرغبة في تعلمه، لذا علينا تقبل الفشل والانسحاب خطوات إلى الوراء، تاركين الساحة لأبنائنا ليخوضوا تجاربهم دون قيود أو مخاوف، لكن أولًا: متى ظهر اختصاصيو التربية؟
مؤلف كتاب نعمة الفشل، كيف يتعلم أفضل الآباء التجاهل حتى يتسنى لأطفالهم النجاح
جيسيكا لاهي : معلمة ومحاضرة وكاتبة، تدرس اللغة الإنجليزية واللاتينية وفنون الكتابة، كما كتبت في كل من مجلة ذي أتلانتك، وصحيفة نيويورك تايمز، وكان لها عمود نصائح نصف شهري بعنوان “اجتماع الآباء والمعلمين”، كما عملت معلقة في محطة فيرمونت بابلبك الإذاعية، وحصلت على الدكتوراه في علم القانون من جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، وقد ركزت على القوانين الخاصة بالأحداث والتعليم، ولها مؤلف آخر اسمه:
The Addiction Inoculation: Raising Healthy Kids in a Culture of Dependence.