الأمومة والحب النائي
الأمومة والحب النائي
لقد أصبح الحب النائي حقيقة لا مفر منها لدى أغلب الأسر حول العالم، وهذا راجع إلى عدَّة أسباب على رأسها الحاجة إلى “العمالة”، فكثير من الفتيات يهاجرن من البُلدان الفقيرة إلى البُلدان الغنية للعمل في مهن مختلفة من أجل الحصول على المال لخلق مستقبل أفضل لهن ولأُسَرِهِن، فعلى سبيل المثال، نجد آلاف النساء المهاجرات يعملن جليسات أطفال، وفي رعاية المنازل، وآلافًا غيرهن يعملن في مجال الرعاية والعناية بالمُسنين، وبناءً على ذلك توجد منفعة متبادلة، المهاجرات يحصلن على المال بينما يتفرغ كل من الزوج والزوجة للعمل خارج المنزل، ومن ثمَّ تسود حالة من الرضا بين الأزواج في الغرب تعمل على الاستقرار الأسري الضعيف، وتحافظ على السلام الهش بين الجنسين، لذا فإن هؤلاء المهاجرات أصبح لا غنى عنهن في المجتمعات الغربية اليوم!
ورغم الغربة وبُعد المكان، فإن المهاجرات ينقلن مشاعرهن إلى أحبائهن في بلد المنشأ بطرائق شتى كالاتصالات الهاتفية الدورية، أو التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو البريد الإلكتروني، أو من خلال إرسال الهدايا، أي أن حبهن أصبح دون معايشة، مجرَّد مشاعر افتراضية، فكثير من الأمور لا يمكن لوسائل الاتصال المختلفة أن تنقلها، لتطلُّبها الحضور الجسدي والملامسة، وفي حال غابت الأمهات المهاجرات عن أطفالهن لسنوات عديدة تنشأ الفُرقة، ويترتب على ذلك أن يوجه الأطفال مشاعرهم وأحاسيسهم إلى العمة أو الخالة أو الجدة ممن يقُمن برعايتهم عوضًا عن الأم، وفي هذا الإطار تذكر إحدى الأمهات الفلبينيات المهاجرات في إيطاليا أنها تشعر بالحزن عندما ترعى طفلًا غريبًا وتعد له الطعام، بينما تعجز عن فعل ذلك لأطفالها، لكنها في الوقت نفسه تدافع عن السبب الكامن وراء ذلك وهو توفير حياة أفضل لها ولأسرتها!
الفكرة من كتاب الحب عن بُعد.. أنماط حياتية في عصر العولمة
يتناول المؤلفان العلاقات العاطفية التي تمتد عبر البلاد والقارات وتفصل بينها المسافة الجغرافية، العلاقات المبنية على التوافق وعدم التوافق، واختلاف اللغة والنظم السياسية والقانونية، مُستعرضين الحب عن بُعد أو الحب النائي، ومتطرقين إلى فوضى الحب حول العالم مبينين جميع صور الحب والعلاقات النائية التي خلقتها التكنولوجيا، ويوضحان أن العلاقات التقليدية والأسر الكلاسيكية التي سيطرت على العالم خلال القرون الماضية أصبحت على شفا الأُفول، لتحل محلها العلاقات والأسر المعولمة التي صار فيها الحبيب هو البعيد الداني، وليس القريب الحاضر.
مؤلف كتاب الحب عن بُعد.. أنماط حياتية في عصر العولمة
أولريش بك : عالم اجتماع ألماني، ومُدير معهد العلوم الاجتماعية في جامعة ميونخ الألمانية، ويُدرِّس في الوقت نفسه في جامعة “London school of Economics”، كما أنه عضو في لجنة حكومية تهتم بشؤون المستقبل بمقاطعة بافاريا الألمانية، من مؤلفاته التي تُرجمت:
ما هي العولمة؟
هذا العالم الجديد.. رؤية مجتمع المواطنة العالمية.
وإليزابيث بك : عالمة اجتماع ألمانية، درست علم الاجتماع وعلم النفس في جامعة ميونخ بألمانيا، حاصلة على درجة الأستاذية من جامعة (إرلانجن – نورمبرج)، وهي أرملة عالم الاجتماع “أولريش بك”، من مؤلفاتها:
Individualization: institutionalized individualism and its social and political consequences.
Reinventing the family: in search of new lifestyles.
معلومات عن المترجم:
حسام الدين بدر: كاتب ومترجم مصري، من ترجماته:
الزمن المختوم.. حالة الركود في العالم الإسلامي.
أحلام الخليفة.. الأحلام وتعبيرها في الثقافة الإسلامية.