اختفاء دور الفن
اختفاء دور الفن
من الأمور المسلم بها أن فن الكلمة قديم قدم الزمان نفسه، فالناس دومًا تحدوهم الرغبة بتنظيم تجاربهم العملية في صورة أمثال وأقوال مأثورة، لتكون أكثر رسوخًا في الذاكرة، ومن المسلم به أيضًا أن فن الكلمة تبعه دومًا العمل، فالعمل هو المنظم الوحيد لإنتاج العقل، وبعد ظهور فن الكلمة ظهرت الحياة الاجتماعية التي قسمت الناس إلى سادة وعبيد، وساهمت في انسلاخ الفرد عن الجماعة جاعلة منه إما سيدًا وإما عبدًا، مذنبًا أو مؤمنًا، صاحب عذاب أو صاحب نعيم.
وبالرغم من ذلك التقسيم القاسي في الماضي لم يستطع الناس إلا أن يعيشوا بالرقص والغناء، فأدخلوا الفرح لحياتهم الشاقة، فنجد هنا أن أول من أضاف الجمال إلى الحياة الشاقة كانوا من البداية هم العمال، الذين حولوا عملهم إلى فن، متبعين بذلك تلك النزعة البشرية التي تدعوهم للوصول إلى الشكل الأكمل، فالفن دائمًا دوره المبالغة الفنية في إبراز الصورة إما للأفضل وإما للأسوأ، مؤكدًا بذلك الواقع أو مثبتًا له أو محطمًا ومغيرًا له.
أما الآن فهناك الكثير من العراقيل الاجتماعية أمام العامل الحر، لكن -وبالرغم من ذلك- ما زالت هناك تلك النماذج الدونكيشوتية، التي وبالرغم من قلة عددها لم تنطفئ فيها رغبة صنع الأشياء الجميلة، ومثال على ذلك النحات الذي قابله الكاتب يعرض منحوتاته للبيع، وكان مبالغًا في تفاصيلها وإن كانت بادية معرفته بتشريح الجسم البشري، فنجد راهبًا بأنف طويل وعجوزًا مشعثة ورجلًا ينتفخ وجهه شرًّا، وحين سأله الكاتب لماذا يبالغ في تفاصيل منحوتاته، أجاب بأنه ينحت من يراهم بشكل طبيعي، ولكنه يجعل قطعًا أسوأ مما هي عليه في الواقع لتصور البشر المشوهين، أما الطيبون فينحتهم بشكل أفضل وأجمل.
الفكرة من كتاب كيف تعلمت الكتابة ومقالات أخرى
يشاع بين كثير من الناس أن الكتابة مثلها مثل الرسم والخطابة، موهبة فطرية في الإنسان لا يمكن اكتسابها بالمران والتدريب، بل تولد معه ويستعملها كما يشاء وقتما يشاء، دون تعب يُذكر أو مجهود يُرهق، وهذا ظن خاطئ تمامًا، فالكتابة مهارة كأي مهارة تُكتسب بعدد من القواعد المعرفية التي يجب أن يحيط بها الكاتب لينطلق منها، وهنا يعرض الكاتب السوفيتي الاشتراكي مكسيم غوركي بعض تلك القواعد التي ساعدته على الكتابة والتأليف.
مؤلف كتاب كيف تعلمت الكتابة ومقالات أخرى
أليكسي مكسيموفيتش بيشكوف: المعروف بمكسيم غوركي، وهو أديب وناشط سياسي ماركسي روسي، ولد في مدينة نوف غورد (التي تسمى الآن غوركي تيمنًا به) عام 1868م، ولم يكد يبلغ العاشرة حتى صار يتيم الأب والأم. وكان جده الذي رباه بعدهما قاسيًا، فانطلق من صغره لينخرط في صفوف الناس ويعاشرهم ويكتشف قسوة الحياة وشناعتها، مُعانيًا ظلم المتعسفين من الناس، مما أيقظ كرهه الشديد لكل مظالم الأرض ودفعه للتمرد، وبعد ذلك دفعه للكتابة عما رآه من المظالم.
رُشح لجائزة نوبل في الآداب خمس مرات، ومن أهم أعماله:
فوما غوردييف.
الأصدقاء الثلاثة.
رواية “الأم”.
معلومات عن المترجم:
مالك صقور: قاص وناقد ومترجم سوري ولد عام 1949م، حصل على درجة الماجستير في الأدب المقارن، من أشهر ترجماته:
العسس الليلي.
أسس الإبداع عند دوستويفسكي.