ولا يُبدينَ زينتهنّ
ولا يُبدينَ زينتهنّ
إن الفتاة المُسلمة حييةٌ عفيفة، تستحيي أن يُرى من بدنها شيء، حالها كحال أمهات المؤمنين رضي الله عنهنّ، كُنَّ صالحات طاهرات، شديدات الحرص بفطرهنّ السوية، فلما قال النبي ﷺ يومًا: مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ. ذهبت إليه السيدة أم سَلَمة -رضي الله عنها- لتسأله عن طول ذيل ثوب المرأة، فقال: يُرْخِينَ شِبْرًا. أتدري ما كان ردها عليه؟ قالت: إِذًا تَنْكَشِفَ أَقْدَامُهُنَّ! فقال: إِذًا يُرْخِينَ ذِرَاعًا وَلَا يَزِدْنَ.
فأي حِرصٍ هذا؟ ومتى صار هذا التحول الكبير لدرجة أن فتيات اليوم صِرنَ يُتقِنّ إيجاد المُبررات للتعري، بل وما الذي صار لرجال المُسلمين أيضًا فلم يَعُد الواحِد مِنهُم يتدخل ويغار على الحرمات؟ حتى غَدا اليوم الرجال رجالًا بالاسم لا أكثر.
لم تَكُن السيدة أم سَلَمة -رضي الله عنها- المرأة الوحيدة التي اتسمت بالحِرص في عهد النبي ﷺ، بل كان هذا دأبهن جميعًا، وقد روى ابن عباس -رضي الله عنه- أن امرأة ذهبت يومًا إلى النبي ﷺ فقالت له إنها تصرع، وتَتَكَشَّف، فطلبت من النبي أن يدعو لها، فأجابها: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ. فقالت: أَصْبِر. ثم قالت: فإنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لا أَتَكَشَّفَ. فدعا لها. لقد رضيت هذه المرأة بالمرض وصبرت عليه، ولكنها أنِفت انكشاف عورتها.
الفكرة من كتاب أسعد امرأة في العالم
كَم تُحبينه؟ مهلًا، فأنا لا أقصد زوجك، أو أباكِ، أو أخاكِ، أو غيرهم من المحارِمِ والأرحام، بل قَصَدت بسؤالي: هل تفكرتِ يومًا وسألتِ نفسكِ كم تُحبين الله -عز وجل- ورسوله ﷺ؟ إنني على ثقة بأن إجابتكِ تنصُّ على محبتكِ لهما أكثر من أمكِ وأبيكِ ونفسكِ، ولكن اعلمي أن مِصداق هذا الحُب هو فِعل كُل ما أمرنا به الله (جل وعلا)، واجتناب كُل ما نهانا عنه، وها نحنُ قد جئناكِ بهذا الكِتاب ليكون لكِ بمنزلة البوصلة التي ستُعيد توجيه عواطِفكِ إلى الله -سبحانه وتعالى- وإلى من أرسله رحمةً للعالمين.
مؤلف كتاب أسعد امرأة في العالم
عائض القرني: هو كاتِبٌ، وداعيةٌ إسلامي سعودي، تخرّج في كُلية أصول الدين من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، ثم حصل على الماجستير في الحديث النبوي، ثم نال درجة الدكتوراه، وبدأ عمله في التدريس للطلاب.
قدّم عديدًا من البرامج التلفزيونية، وله عدد كبير من المؤلفاتِ والكُتُب، ومنها:
لا تحزن.
الإسلام وقضايا العصر.
احفظ الله يحفظك.
سياط القلوب.