عش ودع غيرك يَعِش
عش ودع غيرك يَعِش
معظم الناس يرون أن المصالح محصورة فيهم دون الآخرين وهذا يعمل على جعل تفكيرهم يتمحور حول ذواتهم، فالخوض في المواضيع والأمور التي يلقون لها اهتمامًا يجعلُ الآخرين ينجذبون إليك ويلتفون حولك، وكلما فطنت إلى أن سبيل العيش بين الناس هو الاعتراف لكل واحد بحقه وقبوله بشخصيته التي لا تقبل أن تمسها، كنت أكثر تأقلمًا معهم.
ومن المهم أن يعرف الإنسان أن الآخرين صورة له، فكل واحد منا يجد في غيره مرآة عاكسة لعيوبه ومثاليته، واغتنام هذا الأمر في الإحساس بالنفس والتفطن لنقائصها عين الحكمة، بدلًا من نقد الآخرين والظن بأنهم هم الذين عليهم إصلاح تلك العيوب التي نراها ونحن لا تشوبنا شائبة.
كما ينبغي لك أن تتعلم أن الانفعال الزائد والخروج عن هدوئك يجعل الناس ينفرون منك، فكثير من الناس لديهم القدرة على الاستماع إلى أكثر حماقاتك شرط أن تظل نبرات الحديث بعيدة عن الانفعالية.
والإنسان بطبعه ميال إلى كثرة الحديث، ولكن إن كان يريد معاشرة الآخرين والتعامل معهم فعليه أن يلتزم الصمت وخصوصًا عن الحديث عن شؤونه حتى لأقرب المقربين، وفائدة هذا الأمر تظهر على المدى الطويل.
ولا ينبغي لنا أن نتجاهل أثر الصداقة في سعادة المرء وتعاسته، فمشاركة الأحزان والأتراح مع الصديق تعمل على زيادة الصلة بينكما، كما أنه لا يخفى على أحد أثر البعد والغياب المعنوي من قلة الكلام، والمادي من السفر والبعد، في خلخلة هذا الرابط الذي يجمع الصداقة، فعلى عكس المتداول، فإن الغياب يُؤثر في ذاكرة المرء فتغدو الذكريات هلامية إلى أن تتلاشى.
ويوصي الكاتب عند معاملة الآخرين بالحذر من أن يظهر المرء شخصيته كاملة لغيره، وأن يبتعد عن الظهور بشخصية تخالف طبعه وهُويته فالأقنعة سرعان ما تقع.
الفكرة من كتاب فن العيش الحكيم: تأملات في الحياة والناس
إن الحياة محكومة بقواعد أساسية كلما فطن الإنسان إليها استطاع العيش بسلام، ومن هنا سطر الفيلسوف شوبنهاور تلك القواعد في كتابه وأظهر مدى علاقتها بسعادة الإنسان وإلى أي مدًى يمكن أن تؤثر فيه، وسبل التعامل الأفضل مع الآخرين، وما يُعكر صفو حياته ويسبب الحزن له، وكيف أن السعادة والمكاسب المتحصلة خلال الحياة تختلف باختلاف المرحلة العمرية، وأي المراحل -الشباب أم الشيخوخة- تكون أفضل له.
فإن كنت ترى أن أحد هذه التساؤلات يهمك وتريد معرفته، فدعنا نأخذك للإجابة عنها بين طيات الكتاب.
مؤلف كتاب فن العيش الحكيم: تأملات في الحياة والناس
آرثر شوبنهاور : فيلسوف وناقد ألماني عُرف بفلسفته التشاؤمية عن الحياة إذ إنه يراها شرًّا مطلقًا، ويُعَدُّ أشهر مؤلفاته كتاب “العالم فكر وإرادة”، الذي سطر فيه فلسفته التي تربط بين العلاقة بالإرادة والعقل، فيرى العقل أداة بيد الإرادة وتابعًا لها.
ألَّف عددًا من الكُتب والأبحاث تجاوزت 36 كتابًا، منها:
فن أن تكون على صواب.
الأمثال عن الحكمة في الحياة.
العالم المتصور.
معلومات عن المُترجم:
عبد الله زارو: مترجم وكاتب مغربي الجنسية، مهتم بالشؤون المجتمعية الريفية، وقد ترجم عددًا من الكُتب، ومنها:
في الحل والترحال: عن أشكال التيه المعاصر.
مزايا العقل الحساس: دفاع عن سوسيولوجيا تفاعلية.
جغرافيا جبل نفوسة: دراسة ميدانية في الجغرافيا الطبيعية والمدنية.