الليبرالية هي الحل
الليبرالية هي الحل
هناك سؤال مهم جدًّا، وهو: هل الليبرالية الغربية تنفع عالمنا العربي الإسلامي؟ إن العرب مع بداية انتشار المذهب الليبرالي كانوا من أوائل الناس الذين انجذبوا إلى هذا المذهب وتأثَّروا به، لما عاشوه من قهر واحتلال وقمع للحريات، لذلك كانوا يبحثون عن التحرُّر من كل القيود، وهناك خطأ يقع فيه الناس عند تحديد الليبراليين العرب الأوائل، حيث يطلقون على رواد الفكر النهضوي العربي بأنهم ليبراليون، وهم: رفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي وجمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده والكواكبي وأديب إسحاق، غير أن معظم هؤلاء لا يتبعون المذهب الليبرالي بكل توجهاته، صحيح أنهم نادوا بالحريات، وشيوع قيم الشورى ونقد الاستبداد، لكنهم لم يتخذوا المفاهيم الليبرالية مذهبًا قطُّ، بل استحضروها كمفاهيم وأفكار قابلة للتحليل والنقد، يؤصلون كل شيء تبعًا للثقافة الإسلامية والمخزون الحضاري الإسلامي، مرجعيتهم إسلامية وينطلقون من خلالها، حيث إنهم يوقنون أن الحرية والشورى وغيرهما من القيم، هي في الأصل أمور أكدت عليها الشريعة الإسلامية قبل أي مذهب.
لكن مؤخرًا ظهر ليبراليون عرب يعتنقون المذهب الليبرالي بكل توجهاته وأفكاره ويرونه هو الأنسب والمخِّلص، وخطابهم دائمًا يوحي بانبهار وتقديس لليبرالية، لا يرونها مجرد فكرة أو مذهب، بل يرونها مطلقًا ثقافيًّا يعلو على كل المذاهب والرؤى، كأنها الخلاصة النهائية للتجربة الإنسانية، وهم يرون أن الليبرالية هي الوحيدة التي دعت إلى المساواة بين بني الإنسان.
إن الليبرالية هي طلب للتحرير أخطأ طريق إنجازه، لكنها ليست الحرية، ولن ينصلح حالنا كمجتمع عربي إسلامي بنسخ التجربة الليبرالية بتفاصيلها كاملة وتطبيقها تطبيقًا أعمى، بل يتم نقدها نقدًا أصوليًّا تبعًا لثقافتنا لكي نخرج بحل يناسبنا.
الفكرة من كتاب نقد الليبرالية
الحرية هي أسمى القيم التي يسعى الإنسان إليها، وتميزه عن بقية الكائنات، لكنها مع ذلك ليست محددة بإطار ما أو لها حدود ملموسة، وليس كل من يدَّعي أن مذهبه هو السعي إلى الحرية فهو على صواب، بل إن هناك كثيرًا من المذاهب تدَّعي أن مطلبها تحقيق الحرية لبني الإنسان، وهي في الحقيقة تستغل الحرية لكي تبرر أفعالها وممارساتها، فهل تسعى الليبرالية بوجهيها الكلاسيكي والنيوليبرالي إلى الحرية حقًّا أم أن لها وجهًا آخر ومساعيَ أخرى تخفيها؟
في هذا الكتاب محاولة لتحليل المذهب الليبرالي منذ نشأته وحتى يومنا هذا ونقده نقدًا موضوعيًّا لعلنا نتوصَّل معًا إلى تلك الإجابات.
مؤلف كتاب نقد الليبرالية
الطيب بوعزة: كاتب وباحث مغربي، ولد عام ألف وتسعمائة وسبعة وستين، في طنجة.
يعمل أستاذًا للتعليم العالي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بطنجة، له مؤلفات عدة أبرزها:
في ماهية الرواية.
مقاربات ورؤى في الفن.
تاريخ الفكر الفلسفي الغربي.