النيوليبرالية والفرق بينها وبين الليبرالية الكلاسيكية
النيوليبرالية والفرق بينها وبين الليبرالية الكلاسيكية
في النصف الأول من القرن العشرين ظهرت انتقادات لليبرالية وتم إخضاعها لمراجعات تكشف عن الاختلالات الكامنة في أسسها النظرية وواقعها التطبيقي، وفي النهاية نادت تلك المراجعات بالحد من حرية الفعل الاقتصادي، لكنها ظهرت بصورة كبيرة في سبعينيات القرن العشرين.
وإذا تأملنا السياق التاريخي لنشأة النيوليبرالية، نجد أن تسلسل الأحداث كالآتي: جاءت الأزمة العالمية عام ألف وتسعمائة وتسعة وعشرين، حيث كانت ضربة هزت عرش الرأسمالية واقتصادها، ومن هنا بدأ التفكير في جذور المشكلة، ومن الملاحظات المهمة جدًّا أن هذه الأزمة لم تمسَّ الاقتصادات التي تخضع لسيطرة الدولة، الاقتصادات الاشتراكية، بل عصفت بالاقتصادات الليبرالية الرأسمالية.
وبعد الحرب العالمية أخذت عموم الاقتصادات بالرأي القائل إن التدخل الفعلي للدولة في الاقتصاد، وحقق التدخل إنقاذ ومعالجة كثيرٍ من الإشكاليات الخانقة التي عصفت بالاقتصاد الليبرالي، لكن وبعد أزمة النفط بعد حرب سنة ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعين، رأت الليبرالية أن الحل يكمن في تقليل النفقات التي تصرف للطبقة الفقيرة والطبقة المتوسطة، والرجوع عن هيمنة سلطة الدولة على الاقتصاد والعودة إلى ما كانت عليه، وهذا المذهب بعد التعديل يسمى بالنيوليبرالية.
وفي بداية تسعينيات القرن الماضي تم التحدث عن إطار جديد ينظم العلاقات ويسود الواقع الدولي، يتسم بانفتاح الأسواق، وإذا أردنا التفرقة بين النيوليبرالية والليبرالية السابقة، فإن النيوليبرالية تتمثَّل في إجراء مجموعة تعديلات لمواكبة الواقع والتأقلم مع مشكلاته المختلفة، لكن مع ثبات أسس الليبرالية التي تقوم عليها، أو إذا شئت قل هي محاولة الرأسمالية للحفاظ على كيانها ونظامها العالمي الجديد بعد أن فشلت الليبرالية في الصمود بعدة مواقف مهمة وأحداث اقتصادية.
الفكرة من كتاب نقد الليبرالية
الحرية هي أسمى القيم التي يسعى الإنسان إليها، وتميزه عن بقية الكائنات، لكنها مع ذلك ليست محددة بإطار ما أو لها حدود ملموسة، وليس كل من يدَّعي أن مذهبه هو السعي إلى الحرية فهو على صواب، بل إن هناك كثيرًا من المذاهب تدَّعي أن مطلبها تحقيق الحرية لبني الإنسان، وهي في الحقيقة تستغل الحرية لكي تبرر أفعالها وممارساتها، فهل تسعى الليبرالية بوجهيها الكلاسيكي والنيوليبرالي إلى الحرية حقًّا أم أن لها وجهًا آخر ومساعيَ أخرى تخفيها؟
في هذا الكتاب محاولة لتحليل المذهب الليبرالي منذ نشأته وحتى يومنا هذا ونقده نقدًا موضوعيًّا لعلنا نتوصَّل معًا إلى تلك الإجابات.
مؤلف كتاب نقد الليبرالية
الطيب بوعزة: كاتب وباحث مغربي، ولد عام ألف وتسعمائة وسبعة وستين، في طنجة.
يعمل أستاذًا للتعليم العالي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بطنجة، له مؤلفات عدة أبرزها:
في ماهية الرواية.
مقاربات ورؤى في الفن.
تاريخ الفكر الفلسفي الغربي.