نشأة الليبرالية
نشأة الليبرالية
يحلو لدعاة المذهب الليبرالي والمروجين له، أن ينعتوا الليبرالية بأنها مذهب الحرية، لكن هذا الوصف مطاطيٌّ جدًّا، فكيف نشأت الليبرالية وما مدلولها؟
يرجع أصل كلمة ليبرالية إلى كلمة “ليبراليس” اللاتينية التي تعني الشخص الكريم النبيل الحر، ولكن في نهاية القرن الثامن عشر شاع لفظ “ليبرال”، والمقصود به هو الشخص المتحرِّر فكريًّا، وفي نهاية القرن التاسع عشر انتشر لفظ الليبرالية الذي كان يرمز إلى رؤية مذهبية لها أساسها الفكري، ونظريتها السياسية والاقتصادية، والليبرالية من ناحية الفكر تعني حرية الاعتقاد والتفكير، ومن الناحية الاقتصادية تعني حرية الملكية الشخصية، وحرية العمل الاقتصادي المنتظم وفق قانون السوق، وعلى المستوى السياسي تعني حرية التجمع وتأسيس الأحزاب واختيار السلطة، إلا أن لفظ الحرية ليس لفظًا محدد الدلالة ولا محدد الأبعاد.
وإذا نظرنا إلى السياق التاريخي والثقافي المصاحب لنشأة الليبرالية، نجد أن هناك حراكًا ثقافيًّا كان متزامنًا مع حراك واقعي يؤسس لمدن تجارية مفتوحة على العالم، وكانت الكنيسة هي المسيطرة آنذاك على كل التحركات والتوجهات، فلما حدث انفتاح على عوالم جديدة عربية وإغريقية ورومانية، فقد أذهلت تلك العوالم العقل الأوروبي لأنها تقع خارج إطار الكنيسة، فوجدوا رقيًّا عمَّا هم عليه، لذلك هيمنت عليهم النزعة الإنسانية تمردًا على ما هم فيه من قمع للحريات، ورغم كونها نزعة تقدير للكائن الإنساني، فمن المتوقع أن هذا الانفتاح على الحضارة الإسلامية والهيلينية لن يلقى قَبول الكنيسة، فكانت الكنيسة تقوم بمعارضة هذا الانفتاح مما أدى إلى الشعور بالحاجة إلى التحرر من هذه القيود.
الفكرة من كتاب نقد الليبرالية
الحرية هي أسمى القيم التي يسعى الإنسان إليها، وتميزه عن بقية الكائنات، لكنها مع ذلك ليست محددة بإطار ما أو لها حدود ملموسة، وليس كل من يدَّعي أن مذهبه هو السعي إلى الحرية فهو على صواب، بل إن هناك كثيرًا من المذاهب تدَّعي أن مطلبها تحقيق الحرية لبني الإنسان، وهي في الحقيقة تستغل الحرية لكي تبرر أفعالها وممارساتها، فهل تسعى الليبرالية بوجهيها الكلاسيكي والنيوليبرالي إلى الحرية حقًّا أم أن لها وجهًا آخر ومساعيَ أخرى تخفيها؟
في هذا الكتاب محاولة لتحليل المذهب الليبرالي منذ نشأته وحتى يومنا هذا ونقده نقدًا موضوعيًّا لعلنا نتوصَّل معًا إلى تلك الإجابات.
مؤلف كتاب نقد الليبرالية
الطيب بوعزة: كاتب وباحث مغربي، ولد عام ألف وتسعمائة وسبعة وستين، في طنجة.
يعمل أستاذًا للتعليم العالي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بطنجة، له مؤلفات عدة أبرزها:
في ماهية الرواية.
مقاربات ورؤى في الفن.
تاريخ الفكر الفلسفي الغربي.