أسباب متعددة لنتيجة واحدة
أسباب متعددة لنتيجة واحدة
تعدَّدت أسباب تأخُّر المسلمين والنتيجة في النهاية واحدة، فمن الجهل بعلوم الدين والدنيا للعلم الناقص الذي لا يُسلِّم أصحابه بنقصان علمهم ولا يقتنعون بما يخالف ما لديهم، إلى فساد الأخلاق والبعد عن الفضائل والمكارم التي جاء النبي (صلى الله عليه وسلم) ليتمِّمها وتحلَّى بها سلف هذه الأمة فسادوا زمانهم، إلا أن أخطر فساد للأخلاق ذلك الذي عليه أمراء الأمة دون رعيَّتها، فبهِ يحكمون ويحكِّمون ويُشرعون ويبطشون.
وفسادٌ من نوع آخر تنزف له القلوب ألا وهو فساد العلماء، فأين علماء اليوم من علماء الأمس الورعين الزاهدين المترفِّعين عن زخرف الدنيا، القريبين من العامة والمقوِّمين للأمراء والملوك، لا يخافون بطشهم، بل يخافهم أصحاب السلطة ولا يترددون في الصدع بظلمهم وفسادهم، أما اليوم فخداعٌ وفسادٌ وحدودٌ للدين تُخترق ومُباحات تُستجد وإسلامٌ يدور بين أيدي أصحاب العمائم لخدمة أصحاب السلطة إلا من رحم ربي.
من أسباب التأخر أيضًا الجبن والهلع، فمن يقرأ التاريخ يُبصر أين كنَّا وأين صرنا وكيف فارقتنا البسالة لتصبح في صف أعدائنا ليتسابقوا هم على حياض الموت ونفرُّ نحن إلى حياض الحياة؛ اليأس والقنوط سبب يُثبِّط العزائم ويُميت الإرادة ويقول بعبثية المقاومة وحصانة العدو عن الغلبة والهزيمة، ولقد نُهينا عن ذلك فلا يجوز أن يتطرَّق اليأس إلينا فنضعف ونستسلم.
الفكرة من كتاب لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟
إذا مرَّت على المسلمين أزمنة وأوقات أقرب ما تكون إلى الفوضى والفساد وأشد حاجةً إلى الإصلاح والنهضة، فقد مرت عليهم أيضًا أزمنة سادوا فيها الأمم، وقادوا الركب نحو العلم والنهضة والعمران، لكنهم عندما تخلَّوا عن الأخذ بأسباب النصر والتمكين وشحُّوا بأنفسهم وأموالهم عن نهضة الأمة وصلوا إلى ما وصلوا إليه.
عن المسلمين والغرب وأسباب التقدم والتخلف وعن أمم العالم قديمًا وحديثًا وعن قيمة اللغة والدين والثقافة في النهضة، يطرق الكاتب هذه الأبواب طرقًا عنيفًا متحسِّرًا وكاشفًا للحقائق استنهاضًا للهمم والعزائم.
مؤلف كتاب لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟
شكيب أرسلان: كاتب وأديب ومفكر عربي لبناني، ولد في الخامس والعشرين من ديسمبر عام 1869 وتوفي في التاسع من ديسمبر عام 1946.
كان يُجيد اللغات العربية والتركية والفرنسية والألمانية، والتقى العديد من المفكرين والأدباء خلال سفراته العديدة مثل جمال الدين الأفغاني وأحمد شوقي. اشتُهِر بلقب أمير البيان بسبب كونه أديبًا وشاعرًا بالإضافة إلى كونه سياسيًّا.
من أهم مؤلفاته:
عروة الاتحاد.
الحلل السندسية.
الارتسامات اللطاف.
تاريخ غزوات العرب.